قبل أيام قليلة نفض جون كيري الراعي الأمريكي للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين يديه من حل الدولتين، ورافق ذلك وعيد وتهديد وعقوبات إسرائيلية للفلسطينيين.. ورد فلسطيني بالإعلان الفعلي والعلني بإنضمام فلسطين للمنظمات والمعاهدات الدولية.
كل ما جرى يؤكد: الإنهيار التام والكامل لحل الدولتين وبعد أكثر من عشرين عاماً من المفاوضات العبثية والفاشلة، تراجعت فيها القضية الفلسطينية عشرات الخطوات إلى الوراء، وتوسعت مشاريع الإستيطان، وتقزم دور منظمة التحرير الفلسطينية التي قامت من أجل تحرير فلسطين قبل نحو نصف قرن... في حين إزدادت وقاحة الإحتلال الإسرائيلي فتطاول على كل المحرمات الفلسطينية، فبعد الخطأ التاريخي بالإعتراف الفلسطيني بحق إسرائيل في الوجود في المجلس الوطني بالجزائر العام 1988.. تطالب إسرائيل الآن بالإعتراف الفلسطيني بيهودية دولة إسرائيل وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين والإعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل والحبل على الجرار.. قد يكون من بينها إعتذار الفلسطينيين والعرب بما لحق بيهود أوروبا مما مأسٍ وأحزان على يد النازية.. !
هنا يتسأل المرء: متى وكيف تكون الخطوة التالية للفلسطينيون بعد أن أعلن جون كيري نعيه لحل الدولتين الذي وافق عليه الفلسطينييون مضطرين مع أنه لا يجسد عدلاً ولا يتضمن الحد الأدنى من الإجماع الفلسطيني والعربي الشعبي فالهدف النهائي بلع إسرائيل لفلسطين كوجبة أولى ثم تليها وجبات أخرى.. !
الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة متاحة ومظاهرها اليومية في الشارع الفلسطيني واضحة وكل يوم.. كما أن قيام فلسطين بالإنضمام للمعهادات والمنظمات الدولية خطوتان مهمتان وطيبتان ولكنهما لا تحسمان الصراع وبشكل نهائي.
إسرائيل وحتى كتابة هذه السطور دولة بلا حدود رسمية، وبلا عاصمة مستقرة وثابتة، وبلا دستور، ولم يعترف بها صاحب الحق والأرض الشعب العربي الفلسطيني، كما أن هناك خمسة ملايين عربي فلسطيني في أراضي 67 و48 وهم في تزايد عاماً بعد عام.. وهم يقارعون المحتل بعيون قوية في الشوارع.. وفي داخل الكنيست.. وفي الأحزاب الإسرائيلية.. وفي الصناعة وفي التجارة وفي الزراعة.. وأيضاً في المحكمة العليا في إسرائيل.. القاضي العربي الوحيد من الناصرة واحدٌ من أعضائها ( القاضي سالم جبران ) رفض العام الماضي الوقوف أثناء عزف النشيد القومي الصهيوني ( الهاتكفا ) في أحد الإحتفالات.. مع ذلك كله لم تقم وزارة العدل الإسرائيلية بعزله حتى الآن، حقاً هاجمه كتاب إسرائيليون وقالوا: إذا لم يعجب القاضي جبران النشيد الإسرائيلي ليذهب إلى غزة.. في حين دافع عنه كتاب أخرون إسرائيليون منهم ( جون ليفي ) قال: إنه ليس نشيده.. لا نستطيع أن نجبره أن يقف لنشيد غير نشيده.. !! بعد أن فشلت جميع الضغوط الإسرائيلية والأمريكية وضغوط أخرى لتصفية قضية الشعب الفلسطيني ننتظر الخطوة التالية، والعودة إلى أول السطر، ويجب أن تكون هذه الخطوة قوية وواضحة للعالم كله وللإسرائيليين بشكل خاص الذين ملّوا قادتهم.. كما ملّوا سفك دماء أبنائهم في الحروب التي لا تتوقف ولا تنتهي، ووصل الملل هذا إلى كبار القادة في إسرائيل منهم ( إيغال آلون ) رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الذي قال: إسرائيل دولة تختبئ خلف جدار من الرمل الذي تذروه الرياح.. !
(الرأي)