أشك دوما في المقدرة على الكتابة بين عظيمين. الكتابة عن شخصية عملاقة هي أشبه بالمشي على أطراف الأصابع ولأن ماركيز اكتسب شهرته الأدبية الرفيعة من بساطته واسترساله في الرواية والابتعاد عن الوعظ والإرشاد، كان قريبا دوما من القارئ صاحب الحكم في النهاية. محفوظ أيضاً كان عظيما في أسلوبه ومبدع وحاز على جائزة نوبل للأدب بعد ماركيز بست سنوات. لا شك بأن أوجه الشبه بين ماركيز ومحفوظ كثيرة جداً والاختلاف أيضاً لكن ما حصل أن ماركيز مات على سريره بعد صراع دام اكثر من عشرة أعوام مع المرض تاركاً إرثاً أدبياً عظيم ومحفوظ مات مُغتالاً بعد طعنه بأكثر من عشر سنوات.
يقول نجيب محفوظ أن الطعنه التي سددها له المتشددين في رقبته أجبرته على التوقف عن الكتابة لتعطيلها يده اليمنى وظل بعدها لا يقوى على كتابة أكثر من سطرين في اليوم وهما ملخص ما حلم به في منامه. تٓفرد شخصية محفوظ الإبداعية واختلافه الأدبي كان حملا ثقيلا على مجتمعه الذي أفنى حياته في تخليده ووصف أدق تفاصيله، أمتع القارئ العربي وأدخله بيوت الحارة المصرية وأزقتها وألقى الضوء على الظلم والمسكوت عنه وكانت المكافئة حصوله على جائزة نوبل للأدب عالمياً وطعنه برقبته محلياً.
لكلمة الإبداع في اللغة العربية أصول لغوية ضاربة في القدم وأصل الإبداع هو الإختلاف والخروج عن المألوف، كلمة نتغنى بها حيناً ونقتل صاحبها دوما أو نعطله ما استطعنا لهذه الغاية سبيلا، أن نبكي عشرة أعوام ضائعة في تاريخ الأدب العربي قضينا بها على يد محفوظ خير من التباكي على قضاء الله وقدره بوفاة ماركيز.
د. عمر عطا الهلسة

Omar A. Halassa