رؤيه تشاؤميه للمشهد الاردني
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
17-04-2014 05:19 PM
اكتب هذا المقال انطلاقا من انتمائي للاردن الغالي و ولائي لسيد البلاد و احترامي و تقديري لمؤسسات الدوله و اجهزتها الامنيه و التي يجب ان لا توضع في خندق مواجهه مع الشعب يوما مجبرة من سوء ادارة مسؤولين قدموا مصالحهم الشخصيه و مكتسباتهم على امن الاردن و مستقبله و مستقبل مواطنيه. و ابتدئ مقالي بانني لا ارى الامور تسير على ما يرام و ارى التذمر في كلمات الناس و سلوكهم و انني بدات بحق اخاف على بلدي الاردن الذي لا نرتضي الدنيا بذرة من ترابه الغالي.
اقول ابتداءا انني غير راضي عن ما حدث مع دولة الرئيس في جرش و لكن ردود الافعال الشعبيه جعلتني افكر مليا و اعتقد ان على الحكومه و مؤسسات صنع القرار التفكير مليا ليس في الحادثه و لكن في ردة الفعل الشعبيه و التي اظهرت تشفيا بما حدث.
ان التعبير الشعبي ينم عن ضغط كبير ينمو في النفوس و قد تكون مرحلة اللامبالاه مقدمه لا سمح الله لانفجار شعبي قد تبداه حادثه بسيطه في غفلة من الزمن و نصبح جميعا نادميين اننا لم نعالج الخلل قبل حدوث الكارثه.
السنوات الاخيره ضيقت الخناق على الطبقه الوسطى و احكمته على على طبقة الدخل المحدود. فالتاجر لن يتاثر كثيرا برفع الاسعار و الضرائب و لكنها تضيق مجال المناوره و التحمل لدى المواطن العادي. فرغم القناعه بان اوضاع الاردن صعبه و كما يقول المثل العين بصيره و اليد قصيره و لكن لا يمكن الاستمرار بتعويض العجز بالضرائب و رفع الاسعار.
اننا نرى اللامبالاه و التي هي المرحله الاخطر يوميا من خلال قيادة المركبات و افتعال المشاكل الكبرى و التي قد تصل احيانا لسفك الدماء او الايذاء بين المواطنين دون سبب حقيقي مقنع مما يدل على انها حالات تنفيس تماما كما يحدث للبركان قبيل انفجاره.
يبدو ان هنالك استرخاء مبالغ فيه في الحكومه و مؤسسات الدوله و شعورا بان مرحلة الربيع العربي قد انتهت الى غير رجعه معتمدين على ان الدرس الذي تعلمه الاردنيين من الاوضاع في دول الربيع العربي سيشكل حاجز منيع ضد اي تحرك شعبي.
نفس الاشخاص و مساعديهم و الذين ادى فسادهم او سوء ادارتهم او عقم رؤيتهم الى تراكم الديون و تراجع مستوى المعيشه ما زالوا يتبادلون الكراسي و يديرون الامور و ينظروا على الشعب بعبارات و شعارات جوفاء لا تصلح الا لاستهلاك الوقت.
و ما زالت قضايا عالقه من صفقات كبرى غير واضحه كيف و لماذا و اين ذهبت و حتى ان بعض المسؤولين من فترة تلك الصفقات اخذوا يبحثوا عن دور من جديد حتى و ان كان هنالك اتهام شعبي لهم لم يثبت و لم ينفى و لكنهم بالتاكيد مسؤولين عن تلك الاخطاء و الخطايا سواء شاركوا فيها فسادا او مرت بسبب سوء ادارتهم.
ان المشكله في الاردن مركبه تشمل وجود فساد اكبر و الذي تمثل ببيع او الاستيلاء على الشركات و المؤسسات المنتجه و فساد اصغر يتحمله المواطن سواء بحسن نيه او جهل من الفساد الاداري و الثقافه الاستهلاكيه المبالغ فيها و جزء اخر من الفساد الاصغر و هو التوسع في التوظيفات غير الضروريه و الادارات غير الكفوءه في المؤسسات العامه و الذي سهل وصمها بالضعف و الخساره و الانقضاض عليها.
المشكله الاخرى هي ازمة الثقه بين المواطن و المسؤول فلا المواطن يعرف اين تذهب كل تلك الضرائب و الايرادات و لا يثق بانها تصرف بالشكل الصحيح و الا لتحمل التبعات بنفس راضيه. كما ان هنالك عدم ثقة من المواطن بالعدالة الاجتماعيه و الامثله بسيطه فقد يتغرب شخص من منطقه معينه و يعاني لتحسيين وضعه ليكتشف ان من هم اقل منه عملا و تعليما ذهبوا بالابل فقط لانهم من منطقه او عشيره محضيه او علاقات بمتنفذين. بالتاكيد ان العمل الجاد هو الطريق لتحسين الاوضاع طبيعيا و لكن في الاردن للاسف ان هنالك من يريدها شركاء و اجراء. المجموعه الاولى تحصل على كل شئ من مناصب و تعيينات و استثناءات و تعيش من ايرادات الدوله و ضرائب المواطنيين عيشه رغيده و المجموعه الثانيه عليها ان تصل الليل بالنهار عملا باجور قليله و وظائف دنيا لتدفع فواتير المجموعه الاولى.
فكما قالها يوما الفنان الكبير موسى حجازين (سمعه) بانه لا يجوز مطالبة الناس بالعمل ليعمل ابناء الفقراء اجراء و خدم لابناء كبار المسؤولين او التجار و الذين لم يحصل جميعهم على مناصبهم و ثرواتهم بالكفاءه لا بل بالواسطه و الانتماء لعشيره او فصيل او دعم سفاره او التلاعب بالانتماءات و الاصول. ناهيك عن ان الثروات التي تراكمت في القطاع الخاص ليست اموالا ورثها اصحابها او كسبوها بالخارج و احضروها لافادة البلد فيها و لكن هي اموال تضخمت من عطاءات حكوميه و اموال داخليه جاءت للبلد على شكل مساعدات لتنتهي بمؤسسات بتسميات مختلفه بعضها يحمل برامج ضد البلد و امنه ناهيك عن التهرب الضريبي و الانقضاض على المال العام و الاراضي الميري. بالتاكيد هنالك استثناءات كثيره مما ذكرت و هنالك اصحاب الخير و الامانه و القابضين على الجمر من اجل الاردن العزيز و مواطنيه.
قد اكون سوداويا او قسوت في الطرح و لكني اقولها بانني خائف..خائف..خائف على وطني و اتمنى من كل قلبي ان يكون الوضع افضل مما طرحت و ان اكون مخطئا.
ادام الله الاردن عزيزا معافى امنا مستقرا.