«جدل» الاستحقاق الرئاسي .. الجزائري!
محمد خروب
17-04-2014 02:07 AM
«هل يفوز علي بن فليس بكرسي الرئاسة؟»..
سؤال قد يكون ساخراً أو طريفاً، في ظل الاحاديث الكبيرة والتوقعات التي تتزايد حول انتخابات السابع عشر من نيسان (اليوم) المحسومة لصالح الرئيس المنتهية ولايته (الثالثة) عبدالعزيز بوتفليقة الذي يرى كثيرون انه باق في قصر المرادية، وليس علي بن فليس الذي يوصف بأنه الاكثر حضوراً وصخباً بين المرشحين المنافسين لبوتفليقة، بعد ان كان رئيس وزرائه، لكن الخلافات بينهما كانت قد تعمقت وغدا بالتالي كل منهم مقيماً في متراس مقابل، يستقبل خصوم الطرف الآخر الذي يبدو بوتفليقة الأقدر على استمالتهم نظراً لوجوده في السلطة وهو صاحب القرار في إلباس ثوب «المجد» لمن يريد وخلعه عمّن يشاء وإقصاء كل من لا ترضى عنه مؤسسة الرئاسة او اجهزة الأمن ذات اليد الطولى والباطشة التي يرأسها الجنرال «الغامض» والاكثر صمتاً في تاريخ الجزائر «توفيق»، والمتربع على عرشها مدة طويلة اهلته ليكون صانع نجوم في منافسة لا تتوقف مع المؤسسة العسكرية التي باتت صاحبة القرار منذ عقدين ونيف، بعد ان ألغت الدورة الثانية من الانتخابات التي فازت في دورتها الاولى جبهة «الانقاذ» الاسلامية، ما اخذ الجزائر لاحقاً وطويلاً الى مربع العنف والارهاب لمدة عشرة سنوات، اتفق الجزائريون الذين دفعوا اكلاف هذا الصراع من دمائهم ولحمهم الحي، على تسميتها بـ «العشرية السوداء»، ولم ينجح سوى عبدالعزيز بوتفليقة في وضع حد لها بدهاء وصبر وتعاون وثيق مع المؤسسة العسكرية، التي «استدعته» من حال الاستيداع او المنفى الطويل في الخارج (اقام في دولة الامارات المتحدة بعد ان جرى «تطهير» البلاد من انصار ورموز حقبة هواري بومدين، وكان بوتفليقة الابرز والاكثر شعبية وحضوراً في المشهدين العربي والدولي على حد سواء).
الجدل الصاخب الذي يُصاحب انتخابات الرئاسة هذه المرة, غير مسبوق في عنفه الكلامي والتراشق الاعلامي وخصوصاً الاصطفافات والتحالفات التي بدت وكأنها اقرب الى تصفية الحسابات ووراثة «دولة» بوتفليقة، اكثر مما هي رغبة في الارتقاء بالممارسة السياسية والحزبية في الجزائر بعد انتهاء العشرية السوداء والنجاح–الذي لا ينكره احد–الذي احرزه بوتفليقة منذ ان جاء الى السلطة في العام 1999, بدعم–اقرأ باستدعاء–من الجيش صاحب القرار الاول في البلاد، وطرحه مشروع المصالحة والوئام الوطني, الذي اسهم في هزيمة الارهاب وسرّع في عملية تعافي البلاد من دورة العنف وسفك الدماء التي حصدت عشرات الالاف من الابرياء, فضلاً عمّا لحق بالجزائر اقتصاداً وبنى تحتية ومرافق وتنمية، من خسائر, عمّقت من تعثر عملية الاصلاح واوشكت على أخذ البلاد الى الافلاس, لولا الارتفاع الكبير الذي طرأ على اسعار النفط والغاز ما اسعف موازنة الدولة وزاد من احتياطياتها بالعملة الاجنبية.
هذا لم يعد هو العيار «الوحيد» في الجزائر التي عاشت في «كنف» بوتفليقة خمسة عشر عاماً، هي مجموع الدورات الرئاسية الثلاث التي قضاها حتى الان في السلطة, اذ ان المرض الذي «هدّ» بوتفليقة وحاله الصحية الخطيرة, ناهيك عن «تمرد» الكثير من الكوادر والقيادات التي كانت محسوبة ذات يوم على بوتفليقة, أو هي باتت ترى نفسها مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لقيادة الجزائر, ما بالك ان الرئيس المنتهية ولايته غير مرشح للخروج من ازمته الصحية المتفاقمة، على ما يسرّب أو يشيع أو يفبرك اعداء وخصوم ومنافسون ومقربون منه..ايضاً.
«التزوير» تهمة...جاهزة يطلقها منافسو بوتفليقة بغير تردد او خشية، بدءاً من بن فليس الذي قال في تحد: ان منافسه الاول هو.. التزوير (...) وليس انتهاء باليسارية سليطة اللسان والشُجاعة لويزة حنون، التي تتهم بوتفليقة وبن فليس بأنهما عميلين ودميتين في يد الاميركان.
يصعب قبول «حكاية» التزوير بسهولة، لأن المنافسين للرئيس المنتهية ولاياته يقولون – كما المراقبون – ان بوتفليقة هو صاحب الحظ الاوفر في النجاح، كون موارد الدولة وامكاناتها مُسخّرة للدعاية له، الا انها (المعارضة) تبدو كمن يريد ان يحفظ لنفسه خط الرجعة، ما دامت الأمور قد حُسمت في نظرهما، ولم يعد السؤال هل ينجح بوتفليقة أم يخسر؟ بقدر ما يتعلق السؤال بالنسبة التي سيحصل عليها في ظل دعوات بالمقاطعة تقودها اكبر احزاب المعارضة المحسوبة على الاخوان المسلمين ونقصد بها حركة مجتمع السلم بزعامة عبدالرزاق مقري الذي «يحزم» بأن بوتفليقة هو الفائز ولكن بالتزوير، فيما ثلاثة احزاب اخرى تشاركه الرأي والدعوة الى المقاطعة التي لا يبدو ان بوتفليقة قلق من مجرد حدوثها..(دع عنك حركة «بركات»)..
هل يأتي الجزائريون بالمفاجأة، ويُخْرِجون بوتفليقة من قصر المرادية، عبر صناديق الاقتراع وليس بانقلاب او نسخة اخرى من «الربيع العربي»؟
.. الانتظار لن يطول.. مجرد ساعات فقط.
(الرأي)