اختطاف العيطان والمرحلة الجديدة
د.رحيل الغرايبة
17-04-2014 02:05 AM
يأتي حدث اختطاف السفير الأردني في ليبيا، ليضيف مؤشراً جديداً إلى جانب مؤشرات عديدة على ملامح المرحلة الجديدة التي يمر بها الإقليم كله، والمؤشر الجديد ألقى مزيدا من الإيضاح على المشهد القادم، لمن يريد أن يقرأ، ولمن يستطيع أن يقرأ ما بين السطور.
التعامل مع هذا الحدث ينبغي أن يتجاوز عبارات الشجب والاستنكار وعبارات الإدانة، ووصف العمل بالجبان وغير ذلك من النعوت، وأعتقد أيضاً أن السعي من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن لا يقدم ولا يؤخر، لأن الخاطفين لا ينتمون إلى دولة معروفة، ولا يتبعون إلى مؤسسة عالمية تأبه بالقرارات الدولية مهما كانت لغتها، ومهما كانت حدة الإدانة التي تختزنها ألفاظ القرار وصياغته.
الحدث يؤشر على وجود جهة تملك المعلومات، وتملك القدرة على التخطيط والتنفيذ، وتملك الكوادر والأعضاء، وتملك السلاح والقوة، ولها مجموعة من الأنشطة العابرة للحدود، ما يجعل أغلب الأقطار العربية ساحة لأنشطتها التنظيمية المتطورة والخطرة، التي أصبحت تتجاوز أعمال التفجير والقتل والاغتيال، إلى الاختطاف للسفراء ورجال السلك الدبلوماسي، الذي يؤشر على تعقد اللعبة، وارتفاع مستوى التفاوض وليّ الذراع.
المشهد العربي يسير نحو مزيد من التعقيد، والمؤشرات تفيد بأن الأيام القادمة ستكون أكثر خطورة، ما يقتضي التوجه نحو دراسة علمية متأنية أكثر عمق وشمولاً، من أجل التوصل الى بناء استراتيجية قادرة على قراءة المشهد العربي والتحولات الجذرية التي تطال بنية المجتمعات العربية والشرائح الشبابية والتي تنبئ بنمو ظواهر العنف والتطرف التي ستأخذ مسارات أكثر تطوراً، وبناءً على تنامي الخبرة الطويلة لدى بعض هذه التنظيمات، وبناءً على الاستفادة من التقنية الحديثة في الاتصالات وطرق التواصل الجديدة المتعددة والمتنوعة.
معالجة هذه التطورات وامتلاك القدرة على التعامل معها يجب أن يتجاوز الطرق التقليدية المعروفة، ويجب أن يتجاوز تكرار الفرضيات الرائجة، ولن يستطيع قُطر لوحده أن يتصدى بمفرده لهذه الظاهرة، فهذا يحتاج إلى جهد جماعي من كل الدول العربية، وتعاون رسمي وشعبي، عبر صيغ تشاركية تحوي قدراً أوسع من الحرية ومعاني الديمقراطية.
من المؤكد أن مظاهر العنف التي تجري في أي قطر عربي تؤثر على كل الأقطار العربية بلا استثناء، لذلك نحن جميعاً سنصطلي بنار الأوضاع العربية الخاطئة شئنا أم أبينا.
(الدستور)