إشارات السابع وقنابل "الزعتري"
جهاد المحيسن
16-04-2014 03:00 PM
انشغل الإعلام الأردني بمختلف تصنيفاته الأيام الماضية، بقرار أمانة عمان بإلغاء الدوار السابع واستبداله بإشارات ضوئية، وأصبح الموضوع قضية للنقاش والحوار على الإذاعات والمواقع الإلكترونية، وصفحات الجرائد، وقدم المحللون رؤيتهم على هذه القصة على اعتبار أنهم مهندسو مدن وبالتالي خبراء الأمانة من مهندسين لم يفلحوا في قرارهم!
وكأن الأردن يخلو من كل التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، وأن الوضع الداخلي عال العال! والمفارقة أن هذا الجمع من الإعلاميين يكاد أن يسكت بشكل تام عن كثير من القضايا المصيرية العالقة، رغم جزالة التحليل في كثير من المواطن التي لا مقام فيها إلا للخبراء!
والتركيز على التفاصيل الصغيرة "والعمل من الحبة قبة"، يشكل تحديا كبيرا يوجه الرأي العام الأردني الذي أخذ يستمتع بإثارة صغائر الأمور، وتضخيم أحداث عابرة، في حقيقة أمرها ليست سوى قضايا بسيطة لا تستحق كل الضوء الذي يسلط عليها، مثل إشارات الدوار السابع.
مثلا لم نرَ تغطية حقيقية لحقيقة سرقة مياه الشعب وبيعها ومنذ سنوات طويلة، لم نسمع ردود فعل بحجم هذا العمل غير الأخلاقي، الذي يتم التستر عليه من قبلنا كإعلاميين ربما لعدم وضوح المعلومات ، وربما لأننا اعتدنا البحث عن أشياء فاقعة كي نسلط عليها الضوء، وذلك ارضاء لجمهور المستمعين!
حجم التحديات التي تواجه البلد أكبر بكثير مما يعتقد البعض، فنحن نعيش في محيط ملتهب، ونسير في حقول من الألغام القابلة للانفجار في أية لحظة، والسكوت عن هذه الأخطار والتحديات يعتبر جريمة بحق الوطن، الذي يضمنا بين أكنافه.
ومن القضايا التي نواجه تحديا حقيقيا فيها قضية مخيم اللاجئين السوريين في الزعتري؛ فقصة المخيم بحاجة للنبش والتمحيص والتدقيق، في مختلف حيثياتها ومفاصلها، فقد أصبحت مصدرا للقلق الأمني، وهناك تخوفات حقيقية من توسع دائرة هذا التحدي الأمني، فقبل أيام وضمن حملة الحديث عن إشارات الدوار السابع، غفل الإعلام عن تصريحات وزير الداخلية التي تقول إن الأجهزة الأمنية ضبطت مؤخرا عبوة ناسفة قوية في مخيم الزعتري للاجئين السوريين، وأضاف أن "العبوة مصنوعة من مواد تستخدم في صناعة الألعاب النارية ومداها يصل إلى 500 متر".
هذه المعلومات الخطيرة التي أدلى بها وزير الداخلية تستحق المعالجة إعلاميا وسياسيا، فمن الواضح أن هنالك عناصر مختلفة تسعى لتصدير الأزمة السورية إلى الأردن، وأن وجود الآلاف من المقاتلين في سورية يشكل تحديا أمنيا خطيرا على أمننا الوطني، خصوصا أن مشروع إسقاط النظام السوري من قبل هذه الجماعات يواجه فشلا ذريعاً.
فما هو مستقبل وجودها على حدودنا الشمالية إذا ما قرر الجيش السوري، توجيه ضربات نوعية لهذه الجماعات؟ وهل نستطيع تحمل كلف هذا الخطر الماثل على حدودنا؟ الحديث عن التحديات الأمنية لوجود اللاجئين السوريين وغيرها من القضايا أهم بكثير من الانشغال بالإشارات المرورية!
"الغد"