انتبهوا عدد السكان بازدياد
جمانة غنيمات
15-04-2014 02:33 AM
رغم التسارع القياسي والمفاجئ في عدد سكان الأردن، ما تزال كثير من الأخبار الرسمية تظهر علينا مؤكدة أن هذا العدد يبلغ 6.7 مليون نسمة، دون الأخذ بعين الاعتبار ما حدث خلال السنوات الأخيرة من تطورات.
الخطأ لا يقتصر فقط على بعض الأخبار الرسمية، بل يلحقه انطباع عام لدى مسؤولين وساسة، ما يزالون في جلساتهم ومحاضراتهم يتحدثون عن عدد سكان بحدود 7 ملايين نسمة.
آخر هذه الأخبار يتعلق بنسبة انتشار الإنترنت، والمنشور على الموقع الرسمي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات؛ إذ يؤكد أن نسبة انتشار الخدمة تبلغ 72 % من أصل السكان. ففي المعلومات الحديثة، أن نحو 5.3 مليون نسمة يستخدمون الإنترنت من إجمالي عدد السكان. وفي هذه الأرقام مجافاة للواقع الذي يؤكد أن عدد السكان زاد خلال السنة الماضية بنسبة 10 %، نتيجة اللجوء السوري.
ولا يسقط من الحساب النمو الطبيعي للسكان؛ الناجم عن الولادة، والذي تقدره الأرقام بمعدل 2.5 %، ما يؤشر بوضوح إلى خلل كبير يعتري أعداد السكان المتداولة.
بحسبة سريعة، معتمدة على معطيات واقعية، سنكتشف أن عدد السكان بات يقترب من 10 ملايين نسمة، إن لم يتجاوزها.
فعدد الأردنيين ممن يحملون أرقاماً وطنية، يبلغ 6.7 مليون نسمة. ولدينا 1.3 مليون سوري، ومثلهم تقريبا من الغزّيين والمصريين، يضاف إليهم العراقيون، والعمالة الوافدة من آسيويين وسواهم. وهو ما يقرب أكثر نحو إحصاء العدد الحقيقي للسكان.
إهمال الرقم من قبل هيئة الاتصالات ربما يرتبط بتحقيق هدف صغير، يتمثل في إبراز تزايد انتشار الإنترنت. لكنه، في المقابل، يضرب ما تبقى من أهداف في مقتل، خصوصا ما يتعلق بالمشكلات الاقتصادية ذات البعد التنموي، ولاسيما ظاهرة البطالة.
فأخذ التغيرات السكانية بالحسبان، يعني بداية، وبشكل مباشر، أن نسبة انتشار الإنترنت أقل كثيرا مما هو معلن. والمشكلة لا تتوقف عند هذا الحد؛ إذ إن النمو السكاني مؤشر في غاية الأهمية، وإهماله لهذه الدرجة قد يشي بأن كثيرا من الخطط والتصورات المتعلقة بالاقتصاد غير دقيقة.
الخطط التنموية في المحافظات التي تضاعف عدد سكانها بين سنة وأخرى، نتيجة تواجد السوريين لدرجة صارت تهدد بأزمة اجتماعية، لن تحقق أهدافها المأمولة، إلا إذا قام التخطيط على عدد سكاني حقيقي.
والأمر سيختلف تماماً في حال تم التفكير في عدد فرص العمل التي يحتاج الاقتصاد إلى خلقها لاستيعاب العمالة الأردنية والوافدة، والطارئة من السوريين. فالمؤكد هو أن الأردن بات يحتاج إلى خلق أكثر من 60 ألف فرصة عمل، تكفي فقط لتشغيل عدد مماثل من الخريجين الجدد من الأردنيين؛ بهدف الحفاظ على منسوب البطالة من دون زيادة.
تأثير النمو السكاني، وخطأ التحليل والقياس، لا يتوقفان عند مدى انتشار الإنترنت، بل يتسعان للحديث، مثلا، عن حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
عدم دقة عدد السكان مسألة يلزم أن تُعالج بأسرع وقت. وهي تحتاج إلى مسح سريع ودقيق، يحصي عدد السكان الآن، والزيادة المنظورة حتى نهاية العام، خصوصا أن الحكومة مقبلة على وضع خطة عشرية للاقتصاد، وكل القراءات تؤكد أن مشكلة اللجوء ربما تستمر لأكثر من مدة الخطة.
قبل اللجوء السوري، كان النمو السكاني مشكلة، وكان ثمة محاولات كثيرة لضبطه؛ كونه يضعف الإيجابيات المتحققة من النمو الاقتصادي المتحقق. ولا أدري ما هو التأثير على النمو الاقتصادي المتوقع خلال العام الحالي والسنوات المقبلة، في ظل التزايد الخطير وغير المحسوب في عدد السكان.
(الغد)