إغلاق الحدود .. قرار شعبي
سميح المعايطة
15-04-2014 01:59 AM
مطالبة متجددة نجدها في أكثر من مكان ومن فئات عديدة بأن تقوم الدولة بإغلاق حدودها مع سوريا لأن ملف اللاجئين لم يعد استقبال الأشقاء بل كارثة تلحق بالدولة.
ويقول الناس أنه لم يعد يكفي أن تبقى الحكومات تناشد العالم بأداء واجبها تجاه الأردن بينما تمر السنوات ومع كل صباح تكون الأرض الأردنية قد أستقبلت مئات جددا من الأشقاء لإكمال المليون الثاني.
المزاج الأردني العام يرى أن وقف تدفق اللاجئين ﻻ بد منه فالأردن أستقبل حوالي 25% من عدد سكانه حتى الآن نتيجة الأزمة السورية والأبواب مفتوحة للمزيد حتى فقدنا الإحساس بالأرقام التي نسمعها والتي تظهر كل يوم قدوم المئات وعندما يمارس أي مواطن ما تعلمه من جدول الضرب فيضرب عدد أيام السنة بثلاثة مئة قادم يومي مثلاً فإنه يجد أمامه مليون قادم سنوي وهي أرقام واقعية لأن الأزمة مستمرة وﻻ أفق لأي حل من أي نوع.
القضية ليست شاحنات مساعدات تحمل بطانيات ومعلبات وتمور بل بنية دولة تتعرض لعوامل سلبية في كل المجاﻻت وما ﻻ يعرفه الناس عن التأثيرات السلبية أكثر مما يعلمون وحتى التأثيرات المباشرة مثل التعليم فإن فقدان الطالب الأردني لفرصة التعليم المريح في غرفة الصف تأثيره سنقطفه بعد سنوات فضلاً عن تأثيرات اليوم وهذا ينطبق على كل المجاﻻت.
هل تحتمل الدولة الأردنية مليون ﻻجئ جديد خلال عام 2014 ؟.. سؤال اجابته واضحة وربما نحتاج لطرح السؤال العام القادم مع مليون جديد إذا إستمرت الأزمة السورية وهي مرشحة لهذا ولهذا فالدولة الأردنية مطالبة باستدارة كاملة في التعامل مع ملف اللاجئين ومراجعة تستدرك كل الآثار التي ستتعاظم فيما لو أستمر الحال كما هو الآن.
نعلم جميعاً المنطلقات الإنسانية التي تتعامل بها الدولة هي منطلقات كريمة كانت مع كل القضايا العربية لكن الأردن أوﻻً ومصالح الأردنيين مقدمة والأردن قدم النموذج في دفع الثمن والوقوف الإنساني إلى جانب الأشقاء ولهذا فمن حقه اعتماد معايير واجراءات جديدة في إدخال اللاجئين تقنن هذا التدفق وتجعله لمن يستحق إنسانياً والدولة لديها مقترحات ناتجة عن ممارسات في دول أخرى.
أي قرار بتقنين تدفق اللاجئين سيكون قراراً شعبياً لأن قناعة الناس أن الأمور زادت عن قدرة كل الأردن على اﻻحتمال كما أن الممارسات التي شهدها مخيم الزعتري تؤكد أنه كتلة سكانية أصبحت مصدر قلق اجتماعي وأمني وضبطها ليس سهلاً ومع استمرار التدفق اليومي سنجد أنفسنا أمام تجمعات كبرى مشابهة.
المعادلة المطلوبة.. حفاظ على البعد الإنساني لكن لمن يحتاجه وبأضيق الحدود وأيضا إغلاق الأبواب أمام الهروب المنظم من المخيمات إلى المدن والذي يزيد الأعباء والمشكلات ثم تفتيت الكتلة السكانية في الزعتري إلى كتل صغيرة في مخيمات عديدة منعاً لتحولها إلى كتل اجتماعية وأمنية صعبة مع اﻻستمرار في السعي ليأخذ الأردن حقوقه من المجتمع الدولي لتحمله عن العالم عبء استضافة النسبة الكبيرة من الأشقاء.
لو أغلقنا حدودنا اليوم فإن العالم لن يلومنا فقد حملنا ما ﻻ نستطيع حمله وكل الأبعاد اﻻنسانية والعربية كانت حاضرة في الموقف الأردني خلال أعوام الأزمة لكننا ﻻ نستطيع احتمال آثار أزمة عجز العالم عن حلها والأردنيون منهم من يرى الحكومات تحمل البلد أكبر من طاقته وقدرته ثمن ﻻ ندفعه اليوم فقط بل سندفعه أيضاً لسنوات قادمة.
(الرأي)