يبدو الآن جليا للجميع أن حكومتنا الخبيرة والرشيدة تتقن فن استفزاز المواطنين بإجراءات تعسفية وتصرفات قهرية تهدف لإغراق المواطنين في ذل السعي خلف لقمة العيش وطمس الكرامة والهوية معا!
وأيضا يبدو جليا أنها تستخف بعقل المواطنين ووجدانهم وبمدى ارتباطهم بتراب الأردن وهوائه ومائه!
محزنٌ جدا هذا الذي يتواصل من حولنا ... أكاد من شدة حزني أصاب بذبحة حكومية في الصدر جراء التداعيات المستمرة التي تمارسها الحكومة تجاه الوطن و أبنائه.
أقول من كل قلبي "مؤسف امر كل يد تهدم في هذا الوطن إنساناً أو حجراً أو تمثالاً... كل آلة تهدم ولا تبني. كل قلم يوقع على قرار يأخذ من كرامة ولقمة عيش المواطن الأردني الشريف.
اليوم هدمت أمانة عمان تمثال "الإنسان والتاريخ" على الدوار السابع دون أدنى التفاتة لقيمته الفنية والجمالية والثقافية والحضارية التي يمثلها، خصوصا وأنه نصب شامخ شهد عمان عاصمة للثقافة العربية عام 2001.
المثير في الأمر أن الأمين كان بإمكانه التفكير ببدائل للهدم، وذلك بالإبقاء على النصب مكانه دون المساس به، وإضافة الإشارات المرورية له بما يتناسب مع فكرة التنظيم لحركة السير في هذه النقطة.
ربما كان أيضا باستطاعته الإيعاز بنقل النصب إلى الدوار السادس مثلا وهو قابل للنقل حسبما أوضح مصممه الفنان السوري ربيع الأخرس. وأضعف الإيمان كان بإمكان "الأمين" رد الأمانة الوطنية لمصممها بدلا من القضاء على النصب بقرار فردي تعسفي غير مدروس! كأني به، عمدة عمان، أراد أن يخرس الربيع والتاريخ والإنسان معا بهدمه لهذا التمثال.
اليوم أصبح الدوار السابع عار من النصب التذكاري للإنسان والتاريخ، وأضحى وقع الزمان والمكان في عيون ناظريه فارغاَ من الجماليات والثقافة والحضارة؛ فالأمانة قد استبدلت المثمن بغير ثمن ووضعت إشارة ضوئية للمرور بدل الالتفاف حول جوهر حضاري باذخ بالمعاني السامية.
أنا شخصيا أعتبر إزالة تمثال بهذا العمق والجمال والتاريخ كجزء لا يتجزأ من الهوية الحضارية للعاصمة، وصمة عار . لن أغفر للامانة ما جنتْ يداها، وسأتمتم حالي كحال الكثيرين من أبناء الوطن بكلمات يابسة كلما مررتُ من الدوار السابع.
يا سعادة الأمين: اليوم أصبح الدوارالسابع يتيما، وغدا ماذا ستهدم فينا أنت وحكومتنا؟ وحياة عمان، ما كنت أتمنى لك أن تفعل هذا الذي أكدتَّ فيه لمن تحفّظوا، قبل ستة أشهر،على تسليمك "الأمانة"، بأنهم كانوا على حق. أنا لم أكن منهم.
رولا فايق نصراوين
rulanassraween@hotmail.com
• ملاحظة: المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب الشخصي ولا يمثل أي جهه أخرى.