نتذكر حادث الجميز، وما نتج عنه من الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت خمسة عشر عاماً... ويبدو أن جمرها تحت الرماد ما يزال على ما هو.. حتى الآن!!.
والجميزة تتراصف في الذهن مع جريمة العقاب المجنون لأطفال كتبوا على الحيطان في درعا، فبدأت الاحتجاجات التي تحولت قبل أربع سنوات إلى حرب أهلية في سوريا!!.
ترى هل تستمر الحرب في سوريا خمس عشرة سنة، أم انها ستتجاوز ذلك إلى عشرين أو خمس وعشرين سنة؟؟.
حتى الآن، رغم تفاؤل النظام بإنهاء الحرب قبل نهاية هذا العام، فإن أسباب التفاؤل مثيرة للضحك فـ»انتصارات» القصير في حمص، ويبرود في القلمون هي-كما يقول الروس-زقزقة عصفور لا تطلع ربيعاً. فمن يبرود إلى القامشلي ومن القصير إلى كسب مسافات من الدمار والقتل واللجوء والخراب.. وهي مسافات لا تقوى أرجل النظام الخشبية قطعها رغم تسنيد روسيا وإيران، وأحزاب إيران في لبنان والعراق.
وتبدو المعارضة هي الأخرى بلا أفق وبلا مبرر للتفاؤل، فهي تسجيل «انتصارات» في أحياء حلب، وفي إدلب.. و»تنتصر» على داعش في الجزيرة، لكنها قطعاً بعيدة عن قصر الحكم في دمشق رغم وجودها في دوما وداريا وبقية الغوطة!!.
.. الحرب في سوريا ستطول أكثر مما يتصور الكثيرون طالما أن المال العربي يسيل، وطالما أن روسيا وإيران تدفع وتكتب شيكات على سوريا!!. وإذا عدنا إلى العناصر المتقاتلة، فقبل ألف وأربعمائة عام بدأت حرب السُنّة والشيعة، واثبتت الأحداث أنها يمكن أن تستمر حتى القرن الواحد والعشرين. فهي حرب «عقائدية» مادتها الحلال والحرام، حكم الأئمة أو حكم الخلفاء. العلم الأبيض أو العلم الأسود..
أما لبنان، فهو الأكثر تحسساً بما يجري في سوريا، وهو محاصر بها من الشمال والشرق، ومحاصر بإسرائيل من الجنوب، ورغم تقزيم الأزمة على أنها أزمة وزارية، أو أزمة انتخاب رئيس الجمهورية، أو معركة 8 و14 آذار.. إلا أنها الحرب السورية في لبنان، وعندنا في الأردن، ستتزايد أعداد اللاجئين ولا نعرف كم مليون آخر.. ولكننا نعرف أن طاقة الاستيعاب الأردني محدودة، ولا يمكن أن تبقى الحدود مفتوحة.. وجنودنا ينقلون، ونحن نبني مخيمات لجوء أخرى. وقد دخلت الهند حرباً مع باكستان لوقف تدفق البنجال على الهند حين وصلت باكستان إلى الحرب الأهلية بين باكستان الغربية وباكستان الشرقية!!.
وفي العراق، تبدو سوريا كأنها أصبحت امتداداً للحرب، لكن دون ثلاثة أرباع المليون جندي أميركي. لكنها الآن تباشر معركة المذاهب والعنصريات بعد انتهاء الاحتلال الأميركي، وحلول الاحتلال الإيراني المقنّع!!.
وهي حرب تأخذ طابع «الديمقراطية» و»الانتخابات» واللامركزية لكنها في الحقيقة حرب يوجه فيها الجميع مدافعه ودباباته ومفخخاته.. على العراق!!.
كما عادت الشرارات التي اشعلت كوم الهشيم في الوطن، كلما وصلنا إلى النتائج ذاتها، فالوطن، ووحدته، وهويته مهددة ومستباحة.
(الرأي)