بعد إزالة الدوار السابع : منظومة للنقل العام أولوية وطنية
بلال حسن التل
13-04-2014 12:49 PM
أقدمت أمانة عمان على إزالة الدوار السابع كخطوة في إطار جهودها لحل أزمة المرور في عمان بعد أن صارت الأزمات والاختناقات المرورية من مظاهر الحياة اليومية؛ خاصة في عمان، وإربد، والزرقاء، وهي الأزمات التي يزيد من عمقها سوء تصرف شرائح متزايدةمن الناس، وعدم انضباطهم بقواعد المرور، وبإرشادات الجهات المعنية، خاصة أثناء الأزمات، لكن الذي لا بد من الاعتراف به، ان من أسباب تزايد عدد السيارات في الأردن، وتحول السيارة إلى ضرورة للأفراد، هو رداءة النقل العام، وعدم انتظامه، مما يجعل الأردنيين ينصرفون عنه في غالبيتهم، ويسعون إلى اقتناء مركباتهم الخاصة، وهذا من الأسباب الرئيسة للأزمات والاختناقات المرورية، التي لا بد ان يكون حلها أولوية وطنية قصوى من خلال بناء منظومة نقل عام محترمة، تليق بعاصمة حديثة مثل عمان، التي صار أهلها يضيقون ذرعًا بأزماتهم، وخاصة المرورية، وصار من حقهم ان تكون لديهم منظومة نقل عام محترمة توفر عليهم جهدهم ووقتهم ومالهم، وهذا ليس بالأمر المستحيل، فعمان ليست أكثر عددًا ولا أوسع مساحة من لندن أو باريس، أو غيرها من المدن الكبرى المليونية السكان، ومع ذلك فإن حركة السير فيها أكثر انسيابية منها في عمان.. لأن جلّ سكان هذه المدن يستخدمون وسائل النقل العامة النظيفة في مظهرها، المريحة في مقاعدها، المنتظمة في مواعيدها، وهو ما نحتاج إليه في عمان. نعم..
لقد أصبحت عمان بحاجة إلى منظومة نقل عام متطورة، تمتلك شبكة من الحافلات المنضبطة بخطوطها، وقبل ذلك بمواعيدها ليصل الموظف إلى عمله والطالب إلى مدرسته، أو جامعته في الوقت المحدد، دون أن يسبب أي إرباك لأسرته كما هو حاصل الآن، وهذا من أهم أسباب الأزمة المرورية، أعني اضطرار الأسرة للخروج بأبنائها إلى مدارسهم وجامعاتهم.
مما يربك السير في عمان التي تحتاج أيضًا إلى إحياء مشروع الباص السريع والإسراع في تنفيذه، حتى لا نضطر إلى دفع تكاليف أكبر؛ إن تأخرنا في تنفيذ هذا المشروع الذي نحتاج معه إلى شبكة مترو حديثة كتلك التي يستخدمها الناس في العواصم الحديثة، وقبل ذلك، فإن عمان تحتاج إلى قوى بشرية مؤهلة لتشغيل منظومة النقل العام المحترمة التي نطالب بها.
فقد تعب أهل عمان من سوء تصرف نسبة كبيرة من سواقي التاكسي والكوستر ومساعديهم، وصار منظر هؤلاء ومعهم مركباتهم لا يليق بمدينة عادية، فكيف بعاصمة متطورة؟. إنَّ بناء منظومة نقل عام متطورة بشرياً وآليًا ضرورة وطنية، يجب أن تعطى أولوية قصوى، ومعها أو قبلها يجب ان يعاد النظر في تخطيط شوارعنا، فكل من يسير في شوارع عمان وغيرها من مدننا يُذهل من الفوضى المرورية فيها، حيث تتزاحم المركبات الصغيرة مع الشاحنات والباصات في مسرب واحد، مما يسبب خطرًا كبيرًا على ركاب المركبات الصغيرة من تهور سائقي الشاحنات والباصات.. وفي أقل الأحوال سوءًا فإن هذه الفوضى تربك المرور وتخنق عمان بأزماتها، وتسبب الإرهاق والتوتر لسكانها.
وفي إطار حديثنا عن تخطيط الشوارع، لا بد من الانتباه إلى أن الفوضى المرورية التي تعيشها عمان ومدن أردنية أخرى، تسبب خطرًا على حياة وممتلكات الكثيرين من الأردنيين، فكم من سيارة إسعاف، أو إطفاء تأخرت عن الوصول إلى مقصدها بسبب الفوضى المرورية، مما يوجب علينا منذ الآن أن نباشر على الفور بتخصيص مسارب خاصة في شوارعنا للخدمات الضرورية والعاجلة، ومن بينها سيارات الإسعاف، والإطفاء، والمواكب الرسمية التي تسهم في كثير من الأحيان بتعميق الأزمات المرورية، ونظن ان تخصيص مثل هذا المسرب لا يحتاج إلى موازنات ضخمة، بل إلى سلامة في التخطيط وحزم في التنفيذ، فجزء كبير من أزماتنا المرورية سببه التراخي في تطبيق القوانين، خاصة مِمّن يخالف مسربه أو يمشي بعكس السير.
قضية أخرى ترتبط بالأزمات والاختناقات المرورية التي نشهدها في بلدنا، وتزيد من عمقها، هي تحول جزء كبير من شوارعنا إلى مواقف للسيارات، سواء في الأسواق، أو في الشوارع التجارية، أو في المناطق السكنية، والسبب الرئيس في هذا الأمر هو تغاضي أمانة عمان، والبلديات عن قضية إلزام المباني بتأمين مواقف للسيارات فيها، بل وقبول الأمانة، والبلديات ببدل المواقف، حتى صار هذا البدل هو القاعدة، فكان كل هذا الخراب المروري في عمان وكل هذه الفوضى التنظيمية، وكل هذه الخسائر في المال والوقت والصحة، الذي يدفعه الأردنيون مقابل مبالغ تدخل إلى خزينة الأمانة، أو البلدية مما يوجب سد هذا الباب، والبحث عن سُبل لمعالجة هذه الأخطاء، حتى ولو اضطرت الأمانة والبلديات إلى إلزام مُلاك المباني بإعادة تأهيل مبانيهم، ليكون فيها مواقف سيارات لإنقاذ شوارعنا مما تعانيه من اختناقات.
هذا بالإضافة إلى أهمية قيام الأمانة، والبلديات بإنشاء الكثير من مواقف السيارات، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال، وبذلك كله نستطيع إنقاذ بلدنا من الأزمات المرورية، ومعها نستطيع توفير أموالهم وأوقاتهم، وقبلها حماية صحتهم من التوتر ومضاعفاته.
(الرأي)