الانتحار .. تزايد بلا معالجات ملاحظة
نايف المحيسن
13-04-2014 02:06 AM
سجل شهر آذار الماضي خمس حالات انتحار في الاردن كانت جميعها لشباب في مقتبل العمر، تراوحت اعمارهم ما بين 19 عاما و37 عاما، كانت ثلاث حالات منها في العاصمة وحالة في منطقة العقبة واخرى في الرصيفة.
هذه الحالات جاءت بعد دخول العام الحالي بحوادث للانتحار كان من ابرزها انتحار طفل يبلغ من العمر 9 سنوات اضافة الى قيام عشريني على الانتحار في منطقة الاغوار الشمالية، وكانت هاتان الحالتان قد تمت بالشنق بواسطة الاحبال.
وسجل يوم الثلاثاء وهو آخر يوم من العام 2013 اربع حالات للانتحار، منها اثنان أنهيا حياتهما بسم اللانيت وآخر باطلاق النار والرابع شنقاً، إذْ حملت اخبار اليوم الاول من العام الحالي تسجيل هذه الحالات للانتحار، ولكن للاسف لم تعط البعد الاعلامي اللازم مثلها مثل بقية حالات الانتحار التي لا يتم الالتفات اليها.. ولا ندري لماذا؟؟! مع انه من الضروري ان تعطى حقها من الدراسة والاعلان للمواطنين بدل دفنها مع جثث المنتحرين.
هذه الظاهرة تزايدت في السنوات الثلاث الاخيرة واصبحت تشكل قلقاً لمن يتابعها، ولكن للاسف يبدو ان الجهات المعنية تعيش في سبات امامها مع انه كان من الاولى ان تعطى الاهتمام اللازم خاصة بعد نشر تقارير في العام 2012 تشير الى الزيادة الملحوظة في هذه الحالات التي بلغت بعشرة اشهر من ذلك العام 57 حالة وشكلت نسبة الزيادة حوالي 46% عن العام الذي سبقه، وقد كانت هذه الزيادة تشكل الاعلى منذ بضع سنوات، واللافت ايضا ان حوالي 18 بالمائة من الحالات في الاردن هي لأطفال وهذا يزيد من خطورتها ويؤكد على ضرورة الوقوف على اسبابها ومسبباتها.
الخطورة الاكبر ان الحالات تحدث لمن هم في مقتبل العمر وهم من فئة الشباب الصغار، فمن اقدموا على الانتحار الشهر الماضي شباب احدهم عمره 19 عاما في منطقة البيادر وشاب في الثلاثينات عند دوار الواحة وفي الرصيفة لشاب في العشرينيات، وفي العقبة لشاب في الثلاثينات وفي ضاحية الرشيد لشاب عمره 26 عاما، وتوفي اربعة من هؤلاء الخمسة في حين كتبت الحياة للخامس.
يذكر ان المعالجة الوحيدة لتزايد حالات الانتحار كانت فقط من دائرة الافتاء والتي اضطرت في العام 2012 الى التحرك بتذكير المواطنين ان الانتحار حرام، وانه من كبائر الشرك.. وجاءت هذه الفتوى بعد بضع حالات للانتحار في ذلك العام، ولم ينبه لخطورة ما حدث الا هذه الدائرة في حين ان الجهات الاخرى لا تزال تتعامل مع قضية الانتحار وكأنها تحصيل حاصل في المجتمع الاردني.
لا اعتقد ان العنف الجامعي الذي لا نقلل من اهمية معالجته اكثر خطورة من معالجة العنف الذاتي او الشخصي والذي يعدّ اشد فتكاً في النفس البشرية، فهذا النوع من العنف «الانتحار» لا يسلم الا قلة قليلة ممن يمارسونه لتكتب لهم الحياة في حين ان الغالبية منهم مصيرهم الموت؛ لأن من يقدم على الانتحار هو متوجه فعلياً للموت ولا احتمال له غير ذلك.
المؤسف حقا انه ورغم ان الانتحار يعدّ وصمة اجتماعية فانه لا يوجد سجل وطني لمتابعة ورصد حالات الانتحار، ولا يتم الاعلان عن الاسباب الحقيقية لحالات الانتحار لتتم من خلالها عمليات المعالجة.
ظاهرة الانتحار ظاهرة مقلقة فآذار وكانون الثاني وكانون الاول من الشهور الماضية تشكل منعطفاً خطيراً في تسجيل حالات الانتحار، اضافة الى العام 2012 وعلى الحكومة ان تهتم بدراسة هذه القضية ووضع الأسس اللازمة لدراستها.
(الدستور)