مكاتب وساطة تتحول الى بنوك متعثرة في بورصة عمان
13-04-2014 12:19 AM
**حجم الديون الممنوحة من مكاتب الوساطة لعملائها 300 مليون دينار.
**هيئة الأوراق تدخلت لمنع الاقراض غير الشرعي و تراجعت تحت ضغط المخالفين.
**استمرار الوضع الحالي يهدد المتعاملين و السوق المالي و الاقتصاد.
**المطلوب ليس التدرج بل اقرار التعليمات و تضمين فترة لتعديل الأوضاع في المواد المقرة.
عمون – عبد المنعم الزعبي * - يصاب بالدهشة من ينظر الى حال عدد كبير من مكاتب الوساطة العاملة في سوق عمان المالي، ممن تتجاوز التشريعات النافذة و حدود عملها القانوني عبر التحول من مؤسسات وساطة الى مؤسسات ائتمانية تمنح القروض لمتداولي البورصة على الغارب و من دون حسيب ولا رقيب.
فبحسب مصادر رسمية، تصل قيمة الديون الممنوحة من قبل مكاتب الوساطة للمتداولين في سوق عمان المالي الى حوالي 300 مليون دينار، منها 100 مليون دينار بدون أية ضمانات أو بوادر سداد.
أما آلية منح هذه الديون للمتداولين فلا تحتاج بحسب "متداولين في السوق" الى أكثر من اتفاق شفهي بين المتداول و مكتب الوساطة، ليقوم الأخير بشراء الأسهم للمتداول بالدين : أي من دون قيام العميل بدفع قيمة الأسهم المشتراة.
فإذا ربحت الأسهم حصل المتداول على الربح مخصوما منه عمولة مكتب الوساطة التي تحتوي ضمنيا على فائدة القرض الذي تم منحه للمتداول.
و اذا خسرت الأسهم، يقوم مكتب الوساطة ببيعها ليصبح بذلك المتداول مدينا لمكتب الوساطة بقيمة الخسارة.
بيد أن الأمور لا تقف عند هذا الحد من السوء، حيث يفضل أحيانا مكتب الوساطة الانتظار أياما أو اشهرا أملا في أن يعاود السهم "المشترى بالدين" الى الارتفاع، و قد يقوم أحيانا بعقد صفقات اضافية للمتداول "بالدين أيضا" بغية تحقيق الربح الذي يعوض الخسارة السابقة، و هكذا دواليك حتى تصل خسارة المتداول و ذمته لصالح مكتب الوساطة الى مئات الآلاف أو الملايين في بعض الأحيان.
الآلية السابقة مخالفة للقانون و التعليمات و الممارسات المعترف بها دوليا في جميع الأسواق المالية، اضافة الى ما تشكله أيضا من تهديد للمتداولين و مساهمي مكاتب الوساطة و السوق المالي و الاقتصاد الوطني بشكل عام.
فما الذي يضمن أن مكتب الوساطة لا يستخدم أموال عملائه في تقديم الدين لغيرهم من المتداولين ؟ و ما هو السند القانوني الذي يخول مكتب الوساطة منح الائتمان لعملائه ؟ و ما هي قانونية تحصيل الخسائر المترتبة على الصفقات المعقودة بالدين ؟
اضف الى ذلك ما يسببه تجاوز المكاتب المخالفة من ضرر كبير على الشركات الاستثمارية الملتزمة بالقانون، و التي بدأت تخسر حصتها من المتداولين بسبب عدم توفيرها فرصة الاستدانة غير القانونية كما الحال لدى المكاتب المخالفة.
كما لا يمكن أيضا تجاهل ما يسببه ذات النشاط غير القانوني من تذبذب غير واقعي في أسعار الأسهم نتيجة المضاربات المترتبة على الدين، و المتصفة برغبتها بتحقيق الربح السريع و عدم تحمل الخسارة و لو كانت بسيطة.
يبقى أيضا الحديث عن الخطر الاضافي المترتب على الدائن و المدين نتيجة انخفاض معدلات السيولة في السوق الاردني و ما قد يسببه ذلك من مضاعفات خطيرة على أسعار الأسهم و ذمم المدينين و الوضع المالي لشركات الوساطة.
بهدف مواجهة جميع المخاطر السابقة أقرت هيئة الأوراق المالية الأسبوع الماضي تعليمات فصل حسابات العملاء و التعامل النقدي غير القائم على الدين باستثناء حسابات الهامش الخاضعة للقانون.
لكن الانجاز لم يكتمل حيث تراجعت الهيئة عن قرارها بضغط من المخالفين بعد يوم واحد، في خطوة مخيبة تتطلب تدخلا حكوميا مباشرا لفرض القانون و حماية سوق عمان المالي بجميع مكوناته.
صحيح أن الهيئة لم توقف العمل بالتعليمات بل أجلتها، و لكن المطلوب ليس التأجيل، انما اقرار التعليمات بشكل فوري مع فترة سماح موضحة داخل المواد المقرة لتصويب أوضاع المكاتب المخالفة.
ذلك أن الكلفة المتوقعة لاستمرار الوضع الحالي تفوق ما قد يسببه تطبيق التعليمات من انخفاض مؤقت في أسعار الأسهم و حجم السيولة المتاحة للتداول.
* محلل اقتصادي