على المرء أن يقدر الحرج الذي أصاب مشاعر بشار الأسد، من لغة حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم، حين تحدثا هذه الأيام عن النصر في سوريا، ومستقبل بشار الأسد، وكأن الأخير ضابط تابع للحزب في النبطية!
نصر الله أسرف في التغني ببطولات حزبه الإلهي المطعم بالبركات الخمينية - الخامنئية، ونعيم قاسم قبل يومين يملي شروط الاستسلام على أعداء الحزب، قبل أن يكونوا أعداء بشار، في سوريا! ويتكلم بالتفصيل عن مصير مستقبل بشار.
أين ذهبت بطولات الجيش العربي السوري إذن؟ أين مفاخر حماة الديار؟ أين ملاحم ماهر والمملوك والفريج؟ أين أمجاد قوات الدفاع الوطني (الاسم الملطف للشبيحة)؟ بل أين بطولات بشار نفسه، الذي هز العالم كله وتصدى للمؤامرة الكونية لوحده؟ كل هذا يصبح هامشا.. لا شيء، وتسلط الصورة فقط على الأخ حسن نصر الله.. يا حسرتاه.
بثينة شعبان، المخلصة الفصيحة، والناطقة البليغة، تلقت الأمر من الزعيم الدكتور بشار، وزأرت قائلة: «بعض المحطات الصديقة أقدمت في الآونة الأخيرة على بثّ مقابلات وتقارير توحي نوعا ما بأن سوريا ودولتها لم تكن لتصمد لولا دعم (فلان وفلان) من الدول والأحزاب». وحسمت الغضب والرفض بالقول إن: «هذا الأمر مرفوض، فسوريا صمدت بشعبها الذي قدم إلى الآن أكثر من ربع مليون شهيد». وشرحت أن وزارة الإعلام السورية ستحاسب من بث هذه التعليقات المسيئة لإنجازات الرئيس وجيشه وشبيحته.
سبب غضب بشار هو الشعور بأن هذه بالذات هي لحظة مجده بعد «بطولات» معارك القلمون وريف دمشق، وأنه إذا كان قد «بلع» تفاخر حزب الله بمعارك القصير على مضض، فإنه هذه المرة لن يمرّر هذا التبجح.
الحق أنه لولا إيران، لما كان لبشار الأسد، ولا لحسن نصر الله، أن تقوم لهما قائمة. وهذا ليس كلاما إنشائيا، بل هو كلام عراب هذا «الإشراف» الإيراني الكامل على توابعه في سوريا ولبنان، الجنرال قاسم سليماني. فهو القائل، مؤخرا، في تصريح له أمام جمع من المشاركين بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في مدينة كرمان: «إيران وببركة جهود الإمام الراحل باتت اليوم تمتلك قدرة حقيقية وقد تجسد ذلك بحضورها المقتدر في شرق المتوسط».
وحدد هذا النفوذ بسوريا، مشيرا إلى أن سوريا باتت محورا لمواجهة أساسية تقف فيه الدنيا في جانب وإيران في الجانب الآخر.
يجب على المتنازعين على ادعاء المجد والظفر بسوريا، على وقع البراميل المتفجرة والتجويع والحصار والتشريد لملايين السوريين، وهما بشار ونصر الله، عليهما أن يتحليا بالتواضع ويرجعا الفضل، إن كان ثمة فضل، إلى المرشد خامنئي، أو يتواضعا أقل من ذلك فيرجعانه إلى الجنرال سليماني، مهندس حزب الله وأكذوبة حماية المراقد في سوريا، وتفويج مقاتلي الشيعة من العراق لسوريا. إنه تنازع قبيح على جثث السوريين.. لا تنازعي على هذا الفضل يا سيدة بثينة.
(الشرق الأوسط)