أن لا تأتي خير من أن تأتي متأخراً ،فالشمس لا تتأخر عن موعدها ، وإن فعلت فربما تعثرت بغيمة أو بشال من ضباب غطى عيونها ،ثمة من هم الضباب ومن هم الغيم ، هكذا هم ، يغلقون الطرق السعيدة وينبشون في كل طريق حفرة .
هوايتهم إقامة المطبات ورسم وشم السوء على وجوه ملونة ، لا يزعجهم دمعة وردة أو بؤس جلس في عيون طفلة ، هكذا هم أعداء الحياة .
هم كثر لكنهم في حسابات الزمن قلة ، يذكرهم التاريخ في صفحات معدودة مظلمة ، يحشرهم في قائمة سوداء تضمهم واحدا واحدا ، هذا من قتل الأبرياء وذاك من دمر قرية وأولئك من سرقوا اللقمة من فم الفقراء ، أقاموا مجدا على أنقاض مدن ثكلى ، وأقيمت لهم تماثيل من عظام المعذبين وأجبر المقتولون على أداء التحية للجلاد صبحا و مساءً وعشية .
التاريخ حافل بهم ، يحتفل بهم المجرمون و الأتباع و من ضل السبيل إلى الإنسانية ،هؤلاء جرائمهم بالجملة ، يعرفهم العالم من آثار أفعالهم ، لكن ثمة من يعرفهم من سيماء وجوههم المغبرة بتراب وطنه ، الفاسدون المفسدون المنافقون المستغلون الحاقدون على كل ما فيه خير الأوطان و البشرية .
ثمة من لا يزال يتحدث عن « الربيع العربي « و «الثورات المجيدة « والديمقراطية الجديدة ، فيما لا تزال سكين التقسيم تغرز في جسد البلاد العربية و يسيل الدم في الشوارع و الحارات و الأزقة ،ويجادلونك أيهما المسؤول الأنظمة أم المعارضة ؟؟ لكأن الانقلابات لم تكن تستغرق فنجان قهوة ، وان إزاحة حاكم تتطلب تدمير دولة !! هم لم يزيحوا صدام بل دمروا العراق ، ولا يسعون لإزاحة بشار بل تقسيم و تدمير سوريا ، ولا يؤيدون السيسي لأنهم يريدون تمزيق مصر ، وهاهم يشعلون جنوب مصر و يحركون فتنة ليست بين عائلتين بل لإحياء « دولة النوبة « فالسودان الذي يقع جنوب مصر أصبح بفضل البشير دولتين فلماذا لا تكون الجارة النوبة دولة ؟! دولة الاخوان في سيناء جاهزة ومخصصاتها السبعة مليارات دولار في أدراج البيت الأبيض ، تماما كما مخطط الدولة القبطية منذ الثمانينات معدة ، تماما أيضا كما الدولة الدرزية والدولة العلوية والدولة السنية و المارونية في سوريا ولبنان يجري تنفيذها ،أما الدولة الكردية في شمال العراق و شمال سوريا فهي .. قائمة .
ماذا تريد اسرائيل ألذ ّ من هذه الوجبة ؟ إنه حلم بن غوريون الذي قال في الخمسينات أن إسرائيل لن تقام فعليا إلا بزوال خطر جيوش العراق ومصر و سوريا !!
ثمة من لا يرون أبعد من أصابعهم ولا يتورعون أن يكونوا السكاكين القاتلة ومن باعوا أنفسهم للمشروع الصهيوني الذي تنفذ الآن مرحلة من مراحله تمهيدا للمرحلة القادمة « أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل « .
هنيئاً لمن يشرب ماء وطنه من كف قاتله ..هنيئا لمن يحتسي خمر الذل بكؤوس أجنبية .
طوبى لمن ما يزال قابضا على جمرعروبته !
(الدستور)