الأردن .. يجمعنا .. بقلم : احمد محمود سعيد
mohammad
12-04-2014 02:18 AM
يضمّ البيت الواحد بين جدرانه تناقضات مختلفة فمن حيث الاجيال هناك جيل قارب على الوداع وجيل في عزّ عنفوانه وعطائه وجيل مازال يفتح عينيه على فضاء لم يعهده في جوف امّه .
ومن حيث الإدراك هناك من يدرك الدنيا من حواليه وهناك من هو لاه في دنيا غير دنيا اسرته وكأنّه في واد وهم قي واد آخر .
ومن حيث التعليم قد يكون هناك الأمّي الذي لم يعهد القراءة والكتابة وهناك العالم المتعلّم الذي حصّل على درجة من العلوم ممّا جعل الناس يشيرون له بالبنان وما بينهم من ما يزال ينهل من العلم ومنهم ما زال في مرحلة راس روس او أقلْ .
وأمّا عن الجنس فهناك الذكر والانثى وفي بعض الاسر قد يكون هناك من هو من النوع الثالث او الشاذ عن مجتمعنا .
وأمّا عن المسؤليّة فهناك ر بُّ البيت وهو كبير البيت ومصدر دخلها او اكبرها سنّا وثمّ الأم التي يُطلق عليها وزارة الداخليّة وهناك الافراد ومنهم الرضي الهنيْ والمسؤول وهناك العاقْ والنمرود والشرّاني وسيئ السمعة والسلوك ومنهم المتعاطي وصاحب السوابق والجنايات والتاريخ الاسود المليئ بالفساد والسرقة وسوء التعامل مع اسرته وجيرانه والغير ومنهم السليم او المقعد الذي لا يستطيع العمل اوصاحب العاهة .
وهناك من يحافظ على معتقده وهناك المطنّش للديانة والتزاماتها وهناك من يؤدّي واجباته الدينيّة دون تفريط او تزمّت ويؤمن بالوسطيّة والإعتدال سلوكا ومنهجا في الحياة وهناك من بالسر له معتقد آخر غير الله جلّ وعلا.
وإذا كان حال الأسرة المكوّنة من عدّة افراد وتجمعهم العديد من الوشائج والظروف والبيئة والتلقين الكفيلة بجعلهم كالجسد الواحد فكيف بالوطن الذي يضم ضمن حدوده الملايين من البشر من مختلف المنابت والاصول والثقافات والاديان والاعراق والقوميّات والإنتماءات والإرتباطات والمصالح والحقوق والإلتزامات التي تصل احيانا لحد اختلاف وجهات النظر لولا وجود قيادة حكيمة وحوكمة راشدة وتشريعات ناظمة وعقوبات رادعة وتوعية فاعلة .
أمّا الاردن فمنذ تأسيس دولته فقد ضمت في بواكيرها البدوي والشامي والعراقي واللبناني والفلسطيني ضمن تشكيلة عروبيّة وحدويّة وجيش عربي وقيادة هاشميّة فاختلطت العروبة والنسب المحمّدي والاصالة العشائريّة في ترنيمة اردنيّة تضمُّ القدس الشريف بمقدّساته الاسلاميّة والمسيحيّة ومغطس ومعمدان السيّد المسيح وقبور وأضرحة القادة المسلمين وبقايا حضارة نبطيّة وآثار رومانيّة وتشكّل من هذا الخليط الشامل الكيان الاردني الهاشميْ .
وكان من قدر الاردن والاردنيّين ان يكون محطّة إيواء وأمل لإخوانه العرب من فلسطينيّين ولبنانيّين وسوريّين وعراقيّين في مراحل مختلفة مما ضغط على موارده وإمكاناته بل وخلق تغييرات في بنيته الاجتماعيّة ومنظومته القيميّة .
وبالرغم من كلِّ ما مرّ بنا فإنّ الاردن ما زال يجمعنا كلّنا الصادق والامين والمنتمي والمخلص لتراب هذا الوطن الى جانب العاصي والفاسد والجاحد لهواء الاردن وقدسيّته وبينهما الغاضب والعاتب على حكومته والمطالب يتشديد الرقابة وتغليظ العقوبة ومحاسبة الفاسد ومحاكمته ولكنّ الايّام اثبتت انّ هذا غير ممكن فهل نستكين ونكتفي بشتم الفساد والفاسدين ونترك الوطن الذي يحتضننا جميعا دون صرخة الم بل يضيئ لنا الأمل لكي يتوب الضال والفاسد ويصحو العاتب والحاسد ويعود المغترب والشارد ويطول القزم ويقصر المارد ويصحو النائم ويقف القاعد اي ان نغيّر حالنا .
فالأردن يجمع ابنائه وبناته على الدوام وليس في رمضان الكريم فقط او على المسلسلات الرمضانيّة والتركيّة بل على ترانيم حبِّ الاردن ونموّه وتنميته ولإعلاء شأنه علّ الشعب الاردني يخرج من دائرة القهر والفقر والخوف والضياع الى مستقبل مشرق كلّه صدق وصراحة وإنتماء وبناء تملئ المعلومة جوانبه بسهولة ويملئ الحب قلوب ابنائه بصدق وصفاء ضمائره بنفاء وإيمان نفوسه بخشوع .
اللهم اجعل الاردن بلد تجمع ولقاء لا بلد فرقة ووداع واحمه اللهم ارضا وراية وشعبا وقيادة من اي عارض سوء .