رغم المنع الذي أصدره نتنياهو بعدم اجتماع المسؤولين الإسرائيليين إلى نظرائهم الفلسطينيين، فقد اجتمع عريقات ولفني يوم الخميس، ولم يبدو على أيِّ منهما أن المفاوضات في أزمة!!.
وفي القاهرة، فكفك الرئيس عباس بعض «تشدّده»، فوافق لقاء تراجع إسرائيلي عن موضوعات محددة، على تمديد أمد المفاوضات التي يجب أن تنتهي آخر هذا الشهر بعد نفاد الأشهر التسعة المحددة باتفاق العودة إليها!!.
وفي واشنطن عبّر الوزير كيري أمام شيوخ الكونغرس عن نفاذ صبره فقال: إن استمرار الاستيطان وخاصة في القدس هو السبب في تداعي المفاوضات، وعدم عودته إلى المنطقة. لكن للشجاعة في أميركا حدود، فقد خففت الناطقة بلسان الخارجية «حدّة» رئيسها بكلام غامض وعام تتقنه الخارجية.. ثم بدأت الصورة أوضح في لقاء كيري بوزير الخارجية الإسرائيلي الذي كان طيلة العامين الماضيين محجوباً عن العمل الدبلوماسي لانه لم يخفف من اندفاعه الذي ورثه عن «ذروة» مهنته الاصلية كحارس وبلطجي الملاهي الليلية، ويبدو انه تيقن الان لغة الدبلوماسية فيعلن امام الوزير الاميركي استعداد اسرائيل «لتضحيات كبيرة» من اجل الوصول الى سلام شامل.
إن وضع الاشياء الى جانب بعضها يدل المراقب على ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ما زالا يملكان الكثير من الصبر، وانهما يفضلان الاستمرار بالتفاوض وعدم الوصول الى الحائط.
لا يملك الفلسطيني الان قدرة الضرب على مائدة التفاوض بقبضته واستعمال كلمة وإلا!!، لان قوته هي قوة الحق والاخلاق والتحضر وهي قوة لا حسابات كثيرة لها في مجتمع دولي يفتقد قيم الخلق والحق والحضارة، ثم هو لا يعتمد على «الاشقاء» العرب، لانهم في وضع لا يحسدون عليه، وكل هذا التشدد احيانا، والاعتدال اكثر الاحيان ليس إلا جزءا من مناورات التفاوض الذي ما يزال حيا بعد عشرين عاما من اتفاقات اوسلو وباريس وطابا.
إن الصراع على فارق القوة بين الطرفين هو الصراع على أرض فلسطين أو أرض إسرائيل، وكعب آخيل في القوة الإسرائيلية هو وجود أربعة ملايين فلسطيني على «أرض إسرائيل» والبحث المجنون الصهيوني عن دولة اليهود التي لا تخالطها «الأمم»!!.
وقد أيقن الفلسطينيون أخيراً أن أحداً لن يحرر لهم وطنهم فقرروا أن يخوضوا هم معركتهم، بعد ان حددوا حدود فلسطين الممكنة «بحدود 4 حزيران عام 1967!!.
هنا يكمن ما يسميه علماء السياسة بالتوازن الاستراتيجي، ولعل الدور الأميركي مهما حاولنا ان نعطيه ما ليس يملكه من الضغط على إسرائيل ليس إلا جزءاً من التكتيك الصهيوني.. والى حد ما جزء من مناورة التفاوض الفلسطيني!!.
العمل الدبلوماسي لن يحسم الصراع، لكنه يساعد في الوصول إلى .. الممكن!!.
(الرأي)