facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




في بيتنا كان للمظالم ديوان ..


11-04-2014 02:46 AM

كان في قريتنا عشرات الاسر والعائلات ... انشغل بعضهم بتربية الاغنام ...وانصرف بعضهم لري بساتين الزيتون والتين والرمان ...كان الى جوارنا عدد من اسر الجنود الذين ياتون للقرية مرة في الشهر يؤمنون حاجات الاسر التي يشرف على رعايتها كبار السن من اباء وامهات العسكر او زوجاتهم .

في القرية التي تجثم عند اقدام الجبل"طور العلياء" الضخم كانت بضع دكاكين فيها الشاي والكاز والسكر والحبال وبلور وفتائل المصابيح التي كانت تضيء عتمات البيوت الطينية المتلاصقة...... اضافة الى بعض السكاكر والحلوى والسجائر والدخان العربي واحواض لجمع القمح الذي تستخدمه اسرنا ثمنا لحاجياتها والسلال التي يجمع فيها البيض قبل ان ياتي تجار البلدات المجاورة لجمعه وارساله الى المستهلكين من الموظفين في قرى وبلدات الجنوب.

كان الاباء قساة في تصرفاتهم يضربون الابناء والزوجات ويسبون بعضهم البعض ويتشاجرون
وقد يشتكي بعض الضحايا ان تمكنوا او لا يشتكون.ففي تلك الايام لم يعرف الناس حدود حقوقهم ف.. سيداوا.... كانت مجرد فكرة في رؤوس بعض الناشطات الحقوقيات في العالم ولم تكن السيدات الاردنيات اللواتي حملن لوائها قد عرفن الجنوب ولا الاتفاقية بعد. حتى ذلك الحين ميثاق حقوق الطفل لم تتولد فكرته بعد.

كان الاباء ومنهم والدي احد مخاتير القرية ...الرجل الذي يبعث ذكر اسمه في نفوسنا الكثير من الخوف والمهابة ....كان يضرب هو الاخر...يضرب النساء ويسىء المعاملة حسب معايير
وحدة حماية الاسرة .....واجندة ميزان للعدالة....

كنا نضيق باسلوب تعامله معنا ونتهامس جميعا مستنكرين الطريقة التي يستجيب ورفاقه من الرجال لتصرفاتنا ومطالبنا .... فقد ظنوا ان اسلوبهم هو الافضل في اعدادنا للحياة..

.وعلى الرغم من قلة فرص التواصل بيننا وبين الاباء الا ان بعضنا كان يجمع القوى من اجل التعبير عن رفضنا للمعاملة والاهمال وانكار انسانيتنا ومخالفة حقوقنا التي اقرتها السنن والتشريعات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية. كان ذلك يتم دون تخطيط فما ان يباشر احدنا بعرض مظلمته وتذمره في وجه قسوة والدنا حتى يتحول البيت الى فضاء صاخب يشبة ساحات الحرية في مدننا ابان الربيع العربي .فالكل يؤيد الشكوى ويدعم الرواية التي يطلقها اشجع المتذمرين بيننا.

في تلك الجلسات النادرة كان والدنا وهو الذي لا يقوى احد على مخاطبته او النظر في وجهه يستمع جيدا لما نقول...ولا يملك غير ان يضحك ضحكة فيها من الحب والاعتراف والتقدير والاهتمام ما يجعلنا نغفر له ماتقدم من سيئاته وما تاخر.

لا اظن ان والدي كان يهدف الاساءة لنا او لاحد لكنه كان يمارس ابوته ظمن المعارف والمهارات المحدودة التي يعرفها عن طبيعتنا والحياة التي يعدنا لها.....كان الوالد يقبل الراى الاخر ويستمع له ويشعرنا انه يهتم...كانت ابتسامته مهمة ليشعرنا بشرعية ممارساته القاسية........لندرك اننا نتعامل مع انسان مثلنا.....لا صنم من الاصنام..............

.رحم الله والدي الذي انشا ديوان للمظالم ......قبل ظهور العديد من الاتفاقيات الدولية.....كان نزيها بدون ميثاق.....ودون.....مركز حقوق الانسان........لم يعرف والدي بان الاردن سيؤسس ديوانا للمظالم.....وتجمعا للجان المراة......فقد كانت غريزته وانسانيته هي الموجة لمبادرته التي احببنا.





  • 1 ام عمر 11-04-2014 | 11:45 PM

    رحم الله والدي الذي انشا ديوان للمظالم ......قبل ظهور العديد من الاتفاقيات الدولية.....كان نزيها بدون ميثاق.....ودون.....مركز حقوق الانسان........لم يعرف والدي بان الاردن سيؤسس ديوانا للمظالم.....وتجمعا للجان المراة......فقد كانت غريزته وانسانيته هي الموجة لمبادرته التي احببنا

  • 2 فوازالهروط 12-04-2014 | 12:59 AM

    كل الشكر والتقدير الى الدكتور صبري ربيحات على هذا المقال الرائع الذي يحمل في ثانيه الكثير الكثير من العبر والمعاني والبيب من الاشارة يفهم ...........................

  • 3 مانديلا 12-04-2014 | 02:55 AM

    مع احترامي للدكتور صبري.. أتفق معه في السرد وأختلف معه في الاستنتاج..! أظن أنا أباءنا في تلك الصورة لم يؤسسوا دواوين المظالم بل أسسوا دواوين القمع.. أسسوا فكرة السلطة المطلقة على الشعب والخضوع والقبول بالظلم.. أسسوا فكرة اهانة المرأة والطفل ، وفكرة الضحك على الذقون في وقت المصالحة وطي الخلاف.. لم يؤسسوا ابداً لمشروع الحوار الاجتماعي وقبول الرأي الاخر وثقافة الاعتذار الصادقة حين الاساءة للاخرين.. الحديث يطول .. وأظن أن هذا الذل الوطني الذي يعيشه الناس كله منتج أباءنا.. رحمهم الله


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :