صدور طبعة جديدة من تاريخ الأردن (1958-1994) للمؤرخ الراحل سليمان الموسى
10-04-2014 12:04 PM
عمون - عُرف المؤرخ الراحل سليمان الموسى بأنه "مؤرخ الأردن"، بكتابه الذي صدر في جزئين: تاريخ الأردن في القرن العشرين. وقد صدر الجزء الأول في كانون الأول عام 1959 في 720 صفحة، والثاني في آب عام 1995 في 735 صفحة.
حين صدر الجزء الثاني، الذي يغطي فترة السنوات العصيبة من تاريخ الاردن امتدت بين عام 1958 وعام 1994، استقبله النقاد بحفاوة وتقدير بالغين. كتب الدكتور جمال الشاعر: "مع هذا الجزء الثاني يكون سليمان الموسى كتب عن الأردن منذ أوائل القرن حتى أيامنا هذه...وبذلك يصبح ما أطلقت عليه لقب "مؤرخ الأردن" مناسبا". وكتب الدكتور معن ابو نوار مراجعة وافية مقدما "شكرا جزيلا لأستاذنا سليمان الموسى على موسوعته التاريخية الجديدة"، قائلا ان لكتاب " لا غنى عنه لكل طالب وباحث في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية... ويستحق كل سياسي أردني ان يخصص لهذا الكتاب مكانا في مكتبته".
قصة وضع الكتاب
يروي سليمان الموسى قصة وضعه لهذا الكتاب في مؤلفه (خطوات على الطريق: سيرة قلم تجربة كاتب) كما يلي:"كانت نفسي تحدثني دائما أن أضع جزءا ثانيا ... يغطي النصف الثاني من القرن العشرين. عاشت الفكرة في خلفية ذهني، وظلت تراودني، ومن هنا كنت أغتنم الفرص وأوقات الفراغ بين هذا الكتاب وذاك، لجمع المادة الخام اللازمة من المصادر المختلفة، ووضعها جانبا. وعندما أهل العقد الأخير من القرن العشرين، بدأت العمل بصورة جدية ومنتظمة. وخلال سنة ونصف السنة، تمكنت من انجاز العمل، وكان تأليف الفصل الأخير في أيلول 1994. وهكذا أمكن ربط تاريخ الأحداث المتعلقة بالأردن، بقدر لا بأس من الأحكام، ابتداء من عام 1958]الذي انتهى إليه الجزء الأول[ وحتى عام 1994".
وبعد ان اكتمل الكتاب، نشره مسلسلا مع مطلع عام 1995 في جريدة الرأي ثم جريدة الدستور. يقول المؤرخ الموسى: "ويعود السبب في توقف الرأي عن نشر الأجزاء الأخيرة، والى عدم الانتظام في الدستور، الى حساسية الموضوعات وقرب العهد بها، والتباين في وجهات النظر بين قراء الجريدتين". كذلك نشرت جريدة النهار المقدسية الحلقات التي ظهرت في الرأي.
التعامل مع زمن المتغير
من مقالة للدكتور محمد أحمد القضاة ، كتب مشيرا الى حلقات (السنوات العصيبة) التي نشرت في الصحف: "ان هذه الحلقات تضيء الطريق وتعلم الإنسان وتبسط أمامه المعرفة...واليوم نقرأ عنها بصورة العارف...فنتعلم منه ان دراسة التاريخ وكتابته مهمة في تكوين الوعي... وتحية لمؤرخنا سليمان الموسى الذي نذر نفسه لهذه المهمة، إذ لا نجد في حاضرنا من يقدم على كتابة التاريخ المعاصر للأردن بهذه الصورة المجلية سواه".
وها هو الناقد زياد ابو غنيمة يصف الكتاب بأنه "وثائقي ومرجعي"؛ ويقول الأديب الباحث محمد ابو صوفة بان الكتاب يمتاز "بأنه وقف على التفاصيل الدقيقة بالأسماء والأرقام والأيام والشهور والسنين"؛ أما الصحفي الأستاذ جورج حداد فقال ان: "ما قام ويقوم به المؤرخ الكبير الأستاذ سليمان الموسى هو في ذروة الشؤون من حيث الأهمية والضرورة".
أما الأستاذ مفيد نحلة فكتب: "التعامل مع زمن المتغير في الإشارة التاريخية...يحتاج لمهارات ومدركات عالية. وقد اكتسب مؤرخنا سليمان الموسى خبراته من خلال تجاربه المستمرة على مر سنوات طويلة. أما دخوله هذه الحقبة، فأمر يدعونا إلى التوقف مشدوهين أمام الإيقاع التفصيلي الجاد، اذ ليس هناك من يجرؤ على كشف أوراق هذه المرحلة إلا "هو"، فقد استطاع من قبل...أن يكشف ويحلل أكثر الصور تعقيدا".
وكتب الأستاذ طارق مصاروة: "ان جهلنا بتاريخ بلدنا الحديث واستمرار القناعات الخاطئة المتوارثة هو العلة التي سممت كل طموحاتنا في صنع دولة حديثة متقدمة ديمقراطية" وان سليمان الموسى "أول من عمل على إنصاف الأردن الرسمي في أجواء داخلية وعربية معادية".
الرئيس الفرنسي شيراك
لقد تأثر المؤرخ الموسى كثيرا بقصة الطفلة إيمان التي أهدت الرئيس الفرنسي جاك شيراك كتاب تاريخ الأردن في القرن العشرين بجزأيه بعد ان ذهبت الى باريس لإجراء عملية جراحية، مقابل هديته لها كرسيا متحركا. قرأ القصة في صحيفة العرب اليوم (24/10/1997)، فشعر "بالعزاء والرضى" لأن "جهده لم يذهب عبثا، وان كتابا له استحق أن يقدم لرئيس دولة كبيرة".
وكعادة الموسى في أعماله الكبيرة، فانه طلب من مفكرين ثقاة ومطلعين ان يقرأوا مسودة الكتاب، أو بعض فصوله، ومنهم: الدكتور وليد قمحاوي، والدكتور جمال الشاعر، ونذير رشيد، وصادق الشرع، فلم يبخلوا عليه بإبداء ملاحظاتهم القيمة.
واعترف الأكاديميون في الغرب بفضل والدنا: ففي كلمة الباحث البريطاني في جامعة اوكسفورد الدكتور يوجين روجان، التي ألقاها في حفل تكريم أقامه لوالدنا الأستاذ هاني الحوراني مدير (مركز الأردن الجديد للدراسات) في تموز عام 2000، نلمس اعتراف الغربيين بأهمية التاريخ الذي خطه يراع سليمان الموسى فقال ان المؤرخ الغربي لدى خوضه في أي موضوع عن المنطقة دون ان يقرأ اولا ما كتبه سليمان الموسى. ومن هذا المنطلق فاننا "جميعا تلامذة لسليمان الموسى" استاذ تاريخ الأردن الكبير
the great master of Jordanian history"
الإصدار الحالي
صدرت الطبعة الثالثة من كتاب تاريخ الأردن (1958-1994) بدعم سخي من البنك الأردني الكويتي ودولة الأستاذ عبد الكريم الكباريتي رئيس مجلس الإدارة. و يذكر ان هذا هو الإصدار الثاني عشر من كتب المؤرخ الراحل طبع في (سلسلة الأعمال الكاملة عن دار ورد الأردنية للدراسات والنشر). هذه السلسلة صدرت بدعم من جهات مختلفة حين أوصت بطباعتها لجنة علمية كريمة برئاسة المؤرخ الأستاذ الدكتور علي محافظة وضمت الأعضاء: الأستاذ الدكتور أمين مشاقبة، والدكتورة مها العتوم ممثلة رابطة الكتاب الأردنيين، والأستاذ سامر خير ممثل أمانة عمان الكبرى، والأستاذ مخلد بركات ممثل وزارة الثقافة. وشارك في الاجتماعات التي عقدتها اللجنة نخبة من أساتذة التاريخ في الجامعات الأردنية ومراكز البحوث.
ولقد دعمت وزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى إصدار ثمانية كتب نشرت في سلسلة الأعمال الكاملة، ودعم البنك الأهلي الأردني ومنتدى الفكر العربي والبنك التجاري الأردني إصدار كتابين. كما قدم بنك الإسكان دعما ماليا لمكتبة خشبية جميلة الصنع وضعت بها كتب سليمان الموسى ومقتنياته في مكتبة سليمان الموسى المتخصصة بتاريخ الأردن في مركز الحسين الثقافي. إضافة الى ذلك، نشرت مكتبة الأسرة الأردنية في وزارة الثقافة إصدارين . وقد وزعت في الاحتفاليات المختلفة مئات النسخ من هذه الإصدارات بالمجان.
وكان الديوان الملكي العامر قد أعاد نشر كتابين لسليمان الموسى إثر تكريم جلالة الملك عبد الله الثاني له وهما: أيام لا تنسى: الأردن في حرب 1948، وكتاب: أعلام من الأردن الذي اشتمل سير ثلاثة من رؤساء الوزارات الأردنية هم: وصفي التل وسليمان النابلسي وهزاع المجالي.