يستحق ائتلاف المبادرة النيابية الشكر على الجهد المبذول لتقديم وصفة شاملة لحل جميع مشاكل الأردن الاقتصادية والمالية والاجتماعية، مما قوبل بالإعجاب إلى حد الانبهار من جانب عدد كبير من المعلقين، مما يسمح للقائمين على المبادرة بتحمل بعض النقد.
بداية نلاحظ أن معظم ما جاءت به المبادرة من أفكار وتوجهات وأهداف موجود في كل كتاب تكليف سام، وفي كل بيان وزاري، فلا جديد. وفي هذا الجانب أكثرت المبادرة من العموميات التي لا تتطلب من الحكومة أن تفعل غير ما تقول أنها فاعلة.
نواب المبادرة المحترمون كانوا يستطيعون محاسبة الحكومة بموجب بيانها الوزاري ووعودها بدلاً من تقديم صياغة بديلة للبيان، وهنا نتساءل: هل باب المشاركة السياسية في الأردن مغلق حتى تطالب المبادرة بفتحه؟ وهل نسيت الحكومة موضوع تنمية المحافظات حتى تذكرها المبادرة بضرورة الاهتمام (الجدي) بها؟ وهل أغفلت الحكومة تشجيع مشاريع الطاقة الشميسة؟ وهل مشروع العبدلي حكومي حتى يطلب منها الإسراع في استكماله نيابة عن مساهمي شركة العبدلي.
هناك عدد كبير من التوصيات (القرارات) ذات الصفة العمومية لا تزيد عن كونها شعارات مكرورة يقول بها الجميع: تعميق الديمقراطية، تحقيق المساواة بين المواطنين، تحقيق العدالة، وقف الاعتداء على الماء والكهرباء. تمكين آلاف الأسر من امتلاك المساكن، إعادة النظر في المناهج إلى آخره مما يشكل عودة للغة الخطط الخمسية السابقة: تفعيل، تشجيع، تسريع، إعادة نظر...
أما التوصيات العملية أي الإجراءات المطلوبة فقد جاء بعضها مبسطأً للغاية، فوقف الهدر في الموازنة العامة يكون بسحب السيارات الرسمية واستبدالها بعلاوة تنقلات، وحل مشكلة الطاقة يكون بإطفاء الانوار على الطرق والشوارع داخل المدن وخارجها!!.
ما قالت به المبادرة إما أنه ليس جديداً، أو غير ُمقنع، والأهم هو ما لم تقله المبادرة، فقد تجنبت الاقتراب من القضايا الساخنة التي تتطلب قرارات صعبة وغير شعبية، فلم تقل المبادرة شيئاً عن العجز والمديونية، ولا عن الدعم الشامل الذي يذهب 80% منه لصالح فئات لا تحتاجه ولا تستحقه، ولا عن حجم الحكومة، والموازنات الكبيرة لبعض الجهات.
المبادرة تدور حول إصدار قانون يمنح ما يسمى أبناء الأردنيات حقوقاً مدنية لوقف معاناتهم الإنسانية. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا ُتمنح هذه الحقوق الوطنية لمليون غزاوي ومليون سوري لوقف معاناتهم، طالما أن الأردن، في نظر المبادرة، جمعية خيرية تمنح الحقوق المدنية لأسباب إنسانية!.
(الرأي)