انشاء كانشاء طلاب المدارس
د.عودة الله منيع القيسي
05-04-2014 03:43 PM
بتاريخ العاشر من شهر كانون الثاني – عام ألفين وثلاثةََ عَشَرَ دخلتُ – دار يافا – للطباعة والنشر – ونظرت في عناوين الكتب ، لعلي أجد كتاباً أرى بأنه يستحق القراءة، فوقع نظري على كتاب عنوانه: ( حافظ إبراهيم – شاعر النيل ... دراسة وصفية تحليلية نقدية ) – الأردن / عمان – 2011م ومؤلفه دكتور زميل.. فقلت : لعلي وجدت ما أريد ، فأخذت الكتاب :
مُقدّمة الكتاب – حَيْصَ بَيْصَ :
- بعد أن نظرت في – الفهرس – شرعت في قراءة مقدمة الكتاب .. فماذا وجدت ؟وجدت العجب العجاب /وجدت إنشاء طلاب مدارس، ممن قرأ كتابا للمنفلوطي ، في أول عهده بالكتابة ، إذْ كان يكتب بعاطفة لزجة رجراجة، أو – كتابا لجبران خليل جبران، في أول عهده بالكتابة ، إذ كان يكتب بشطحات خيالية رومانسية هائمة في فراغ ...!!
- وابدأ معي ،أخي القارئ ، بالمقدمة التي سأنقل عبارات وجُملاً منها ، وأعلق عليها =
- يقول الزميل المؤلف: ( قرأت الشعر ، لكثير من شعراء العربية، قديمهم وحديثهم، - أجوس- في رياضه، وأتصيده – في ديوان أو كتاب أو مجلة – ص-5) .
- أقول: كلمة( أجوس) لا تصحّ في هذا السياق . إنما تصح ، في مواطن الخراب ، قال تعالى- منذراً بني إسرائيل بعذابه ، عندما يفسدون الفساد الأول: ( فإذا جاء وَعْدُ أُلاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أُولي بأسٍ شديد – فجاسوا- خلال الديار) –( الإسراء -5) أي: جاسوا، خلالها، بعد خرابها. ولذا .. يمكن أن يقول : أتنزّهُ في رياضه ، أو- أتجوّل.
- وكلمة ( أتصيد ) –تكون للقليل الذي لا يسهل نواله، ولذلك قالوا : مولع بالصيد والقَنْص – أي: بصيد الحيوانات البرية، لندرتها أو لنفورها من الصياد ،مما يؤدي إلى صعوبة صيدها، لأنها تنفر من الإنسان. أما الكتب ، وما فيها من شعر، فهي موجودة في كل مكان. ولذا.. لا نقول: ( أتصيده) – وإنما: أقرأه ، أو أحفظه ، أو أدرسه، أو أُطالعه أو أحصل عليه .
2- ويقول : في الصفحة نفسها : ( مُسيّر – (هو) بدافع الحّس المفعم بالعاطفة المتأججة، والخيال المجنح المشبوب ، والشعور الملتهب) .
- أقول: هذا .. كلام إنشائي مجّاني: فالذي – يمكن – أن يقول: يمكن ..أن يُسَيّر بدافع الحس المفعم بالعاطفة المتأججة ... إلخ- هو شاب في السادسةَ عَشْرَةَ ، إلى العشرين. ولكن، بعد ذلك.. تبدأ العاطفة بالاتزان ،والخيال بالتعقّل ، والشعور بالاعتدال والهدوء. ولوكان زميلنا – الفاضل في شخصه التعاملي –كذلك، وهو في الأربعين ..لما بقي حياً إلى الخمسين ( وهو الآن قد تجاوز الستين ) – لأن الحّس المفعم بالعاطفة المتأججة، وما وَلَيهُ من مهيجات الحّس والوجدان- تأكل من الجسد- كما تأكل النار من الحطب- تبعاً لما تذكره كتب الطب ، ولما هو معلوم – بالتجربة. فلو قال:- مُسَيّر بالرغبة في قراءة الشعر، بل الشغف بذلك – لكان أقرب إلى التعبير المعقول المتزن المقبول .
3- ويقول: ( ولطالما وقفت أمام الصورة الشعرية ، فأغيب عن الوجود ومن فيه، وتتلاشى، أمام ناظريّ مظاهر الألم والشقاء، وأنسى هموم الحياة وتصاريفها، وأشعر أني دخلت عالماً مسحوراً، فيه روائع الرؤيا تلوح للعين ، ويتملّى منها الفكر والقلب، فينغمس في جوّ من البهجة ، وخضم واسع من المعاني السامية الكبيرة -!! ) –ص-6
- أقول= إذا كنت ، عند ما تقف أمام الصورة الشعرية .. تغيب عن الوجود وما فيه- فأنت من جماعة المتصوفة- كابن الفارض ، ورابعة العدوية : هم يدعون أنهم يغيبون عن هذا الوجود ، هياماً بحب الله تعالى، وأنت تهيم عن الوجود، هياماً بالصورة الشعرية ...!
- ثم وأنت أمام الصورة الشعرية – تتلاشى أمام ناظريك مظاهر الألم والشقاء- فأنا أقترح عليك أن تفتح عيادة أدبيّة / نفسيّة – تعلم المألومين والأشقياء " تقنية" تجربتك في قرأءة الشعر، لكي يزول ما بهم من ألَمٍ وشقاء- وجزاك الله خيراً.
- ومثل ذلك .. تُنسّيهم هموم الحياة وتصاريفها – بَدَلَ أن ينسَوْا هموم الحياة وتصاريفها ،عن طريق الخمرة والمخدرات، أو- إذا يئسوا- عن طريق – الانتحار..!
- ثم – تشعر أنك تدخل في عالم مسحور، فيه روائع الرؤيا تلوح للعين...
- أقول : أعوذ بالله من السحر وشياطينه. أما تعلم أن الله كفّرَ المتعامل بالسحر ، فقال: ( وما كفرَ سليمانُ، ولكنّ الشياطينَ كفروا، يُعلمّونَ الناسَ السحَر)؟- ( البقرة -106) .
- ثم .. لماذا لا تبصرنا ، نحن الذين نقرأ الشعر، ونعجب بجّيده( دون رديئة) ونستمتع به، من دون أن ندخل جوّاً مسحوراً – بما تراه أنت من روائع الرؤيا، تلوح للعين، ويتملّى منها الفكر والقلب- فماذا عساك ترى؟- أترى جناناً، عليها طيور تغّرد، والأنهار تجري من تحتها؟- أم ترى حوريات، أحياناً يرقُصْنَ ، وأحياناً يُغنّينَ، وأحياناً ، يتجاذبْنَ أطراف الحديث- كعادة العائدين من مكّة المكرمة ، قديماً ،بعد الحجّ ، الذين قال عنهم وعن نفسه الشاعر، وهو أحدهم:
( ... أخذنا بأطرافِ الأحاديث بيَننَا ----وسالت بأعناقِ الَمطيَّ الأباطحُ )؟
ولكن، إني أطلب ما أطلب- عبثاً – لأنا – نحن الذين لا نرى هذه الروائع من الرؤيا- كما يراها الزميل المؤلف، أو يراها المتصوفة- لا تستطيع أخيلتنا أن تقتنص هذه الرؤيا الرائعة أو تراها أبصارنا أو بصائرنا !!
- أما – الخضمّ من المعاني السامية الكبيرة- فإني، لأول مرة، أقرأ أن المعانيَ السامية الكبيرة تتجمع في – خضَمّ -!!- أنا أقترح – بتواضع – أن تستبدل- بالخضم- البحر، لأن البحر.. أقلّ إرعاباً من الخضم، وأكثرُ ألفةً- لأن الخضم غامض وعلى ما فيه يضطمّ -!
- وأقول أيضاً: إذا كانت كل هذه التهيجُّات والتهيُّئات.. تشعر بها ، عندما تقرأ الشعر الجيد- فإن الذي يهجم على ظنّ المرء أنك- ناقد، محلل للشعر- لا يشقّ لك غبار، ولا تطفأ لك نار- لأنك تدعي ذلك على غلاف كتابك ، إذْ تذكر عن عملك في شعر حافظ هذه العبارة: ( دراسة وصفية، تحليلية نقدية) .بَيْدَ – أني- للأسف- لم أجدك، في كلّ ما كتبته عن الذي أوردته من شعر حافظ- تقدم شيئاً مما ذكرت: لا تحليلاً، ولا نقديّاً -!- بل أنت أعَدْتَ – بالنثر- معانيَ ما اورده حافظ إبراهيم الشاعر الكبير في الشعر.
- ولكي لا أطيل- أكتفي بإيراد مقطع من قصيدة حافظ ، في رثاء- مصطفى كامل- الزعيم الوطني- كما أورد المقطع زميلنا المؤلف وكما علّق عليه- لترى أن هذا الزميل الفاضل في شخصه.. لم يقل شيئاً يوقف عنده- يقول في البدء: ( واستمع إليه، وهو يرثي( مصطفى كامل) في قصيدته التي أنشدها في العشرين من آذار- عام
ألف وتسعمئة وثمانية ) – ص -15+16:
1- نثروا عليك نواديَ الأزهارِ وأتيتُ أنثُر بينهم أَشعاري
2- زيْنَ الشبابِ وزيْنَ طُلاَّبِ العُلا هل أنتَ بالمهج الحزينة داري؟
3- غادَرْتنَا والحادثاتُ بمرصدٍ والعيشُ عيشُ مذلَّةٍ وإسارِ
4- ما كان أحوَجَنا إليكَ إذا عَدا عادٍ وصاحَ الصائحون بَدارِ
5- ورأيتَ كيف تفي الشعوبُ رجالها حقَّ الولاءِ وواجبَ الإكبار
6- تسعون ألفاً حولَ نعشِك خُشّعٌ يمشون تحت لوائِكَ السيّارِ
إلى أن يقول :
7- نِعمَ الجزاءُ ونعْمَ ما بُلِّغْتَهُ في منزلْيك ونعْمى عُقبى الدارِ
و يقول زميلنا المؤلف :القصيدة تصل أبياتها إلى أربعة وأربعين بيتاً، وفيها شاهد ساطع وبرهان قاطع على أن الوفاء في الرثاء لأولئك الذين يستحقون الرَّثاء !
- ماذا قال الزميل الناقد، بعد هذه الأبيات؟- قال : ( والقصيدة تصل أبياتها إلى أربعة وأربعين- بيتاً. وفيها شاهد ساطع، وبرهان قاطع على أن الوفاء في الرثاء، لأولئك الذين يستحقون الرثاء-!).
- أقول: ماذا قال من نقد ومن تحليل هذا الأخ الكريم؟- أذَكَرُ عدد أبياتها أم ذكر نقداً أو تحليلاً ؟ - أَقوُلهُ: وفيها شاهد ساطع وبرهان قاطع- تحليل أو نقد؟- النقد والتحليل يعنيان أن يُبيّن للقارئ أين الشاهد الساطع من القصيدة، يضع أيديَنا عليه- وضعاً ؟وأين البرهان القاطع في القصيدة؟- إن هذا التعميم الهائم في الفراغ.. لا يجعلنا نلمس شيئاً، على الإطلاق، من جمال الأبيات، وما عسى أن يكون في بعضها من خلل- ولا مما فيها من صدق العاطفة الذي يدلّ على الوفاء بالرثاء لمن يستحقون الرثاء! والناقد المبتدئ يتعلم من التحليل لا من العبارات العامة.
- إن النقد ( الموْضِعيّ) –( وليس الموضوعي، فليس في النقد ما هو موضوعي، لأن النقد علم وفن، وليس علماً – وَحْدَهُ) – النقد الموضعي – كما سماه الدكتور محمد مندور- هو الذي يجوز لصاحبه أن يقول بأنه ينقد ويحلل، أما التعميم الذاهب في الفراغ .. فليس بنقد ولا تحليل- على الإطلاق.
- والآن.. لننظر في الأبيات التي أوردها الزميل- لنبيّن ما هو النقد والتحليل.
- البيت الأول- الشاعر.. شاكل(أي: جانس) بين نثْر الأزهار ونثر الأشعار. ووازن بين آخر كلمة في الشطر الأول (الأزهارِ) وآخر كلمة في الشطر الثاني( أشعاري) .فجاء البيت ذا موسيقى حلوة، ونَغَم متسق، سواءٌ في الموسيقى الخارجية(=الوزن) أو الموسيقى الداخلية ( المشاكلة والموازنة) – (ونوادي الأزهار) –هي - الأزهار الندية .
ومما يشير إلى أن الشاعر كان حزيناً على القائد العظيم أنه كان يخاطبه في هذا البيت، والخطاب دلالة الحضور..لكن الشاعر الكبير أبا تمام- كان حضور البطل- محمد ابن حُميد الطوسي- الذي هُزم جيشه، أمام جيش ( بابك الخرّمي) . ولكن هذا القائد العظيم أبى أن ينهزم مع جيشه، فثبت حيثُ كان ، وقاتل حتى قتل- كان حضور البطل في ذهن ابي تمام ووجدانه- أقوى.. إذْ كان الشاعر في بغداد، والمعركة دارت على مسافة بعيدة من بغداد. ولكن ، لقوة شخصية هذا القائد الشهيد، وشجاعته.. كان ذكرُهُ.. يملأ العراق كلها- فاستحضر أبو تمام في عقله ووجدانه- شخص البطل- على بعد المسافة، فقال، في أوّل بيتٍ، في رثائه :
( كذا.. فلْيجلَّ الخطبُ، وليفدحِ الأمُر فليس لعينٍ لم يَفضْ ماؤها عُذْرُ
تُوُفّيَت الآمالُ بعد محمدٍ وأصبحَ في شُغْلٍ عن السّفَرِ – السَّفْرُ )
فقال :( كذا) – أي: هكذا- أي : مثل هذا – أي: مثل هذا البطل..فلْيجلّ الخطب فيه. والإشارة إلى البطل باسم الأشارة القريب- على بُعدَهِ عن الشاعر- يعني أن الشاعر استحضر شخص البطل وكأنه أمامه. وهذا.. أعمق استحضار وأقواه وأصدقه. أي: هذا الأسلوب .. أقوى في الاستحضار مما كان في عبارة حافظ الذي كان القائد المتوفّى، أمامه، حقاً- فقال:( نثروا عليك...) .
- ولا شكّ أن قصيدة أبي تمام في البطل محمد ابن حميد- أقوى وأجزل، وأكثف- فنياً- من قصيدة حافظ في القائد العظيم- مصطفى كامل. ولكن المجال ، في مقالة لا يتسع إلى – المقارنة- ثم .. ليست هذه المقارنة من عرضنا- هنا...
البيت الثاني- قول الشاعر في الشطرة الثانية- بادئاً بالأداة( هل) .. أضعف المعنى. لكأن المعنى ارتّد بهذا البدء إلى نقيضه، لكأن الشاعر- من حيثُ لا يقصد يسخر من المتوفّى، أو يشمت به-!! وأفضّل على هذا البدء بالأداة ( هل)- البدء بالأداة (لو)- إذْ (لو) تعني- التمنّي- وليس التساؤل الذي قد يحسّ المتلقي أنه خرج الى معنى السخرية أو الشماته.
- البيت الثالت – يستمّر الشاعر- فيه- بمخاطبة القائد والثائر العظيم- لحضور شخصه في نفسه- كما أسلفنا- وقول الشاعر:
( غادرتنا والحادثات بمرصد) – أُفضّل عليه:( وفجعتنا ، والحادثات تهزّنا) . فكلمة( فجعتنا) – أقوى من ( غادرتنا) – لأن المغادرة..كأنها توحي بشيء من – التسليم. وكلمة ( تهزنا) – أقوى من كلمة (بمرصد) – لأن (تهزنا) في الإشعار بالجوائح- أما ( بمرصد) فهي توُمئ من بعيد.
- البيت الرابع= بيتٌ متوسط الجودة، فكلمة( كان) الزائدة في عبارة:( ما كان أحوجنا إليك ) توحي بتراخي المشاعر والعاطفة عند الشاعر ، لأنها تفقد التعبير اكتنازهُ. قد يقال: لكن الوزن يختلّ- بدونها- فأقول: الشاعر الكبير- كحافظ- لا يُعجزه استقامة الوزن عندما يكون ضغط المعنى على الإحساس والعطفة قويّاً . وقول الشاعر:( إليك ) ضعيفة. وأقوى منها أن يقول : لشخصك- أو- لرأيك. فتصبح العبارة: ( ... لشخصك إذْ عدا) – فتكون (إذْ) بدَلَ ( إذا) ليستقيم الوزن .
... لكن هذا البيت لا يقرن تعبيره عن المعنى ببيتين جاء بهما الشاعر- سُيويد ابن كُراع العُكلي ، في رثاء زعيم -كمصطفى كمال –، قال سويد :
( لقد كنتَ في قوم عليكَ أشّحةٍ ---بنفسك ، غيَر أنّ ما طاحَ طائحُ )
( يَوَدّون لو خاطواً عليك جلودهم ----وما تدفعُ الموتَ النفوسُ الشحائحُ )
لاحظ : ( أشحةٍ ، بنفسك) – والشحّ هو أقصى درجات الحرص ، والمطلوب ، هنا ، هو الحِرصُ، على زعيم هؤلاء القوم. ولاحظ عبارة: ( طاح طائح ) – أن الطاء .. الضخمة، والهمزة.. الحلْقية، والحاء الحلْقية – لتدلّ ثلاثتها على شدّه الإشعار- بالنوْح- الذي انخرط فيه قوم هذا الزعيم.
.. أمّا عبارة : (خاطوا عليك جلودهم) – فلا يشبع المرءُ من صورة خياطة جلود قومه عليه، بما في ذلك من تضحية غير معهودة، لقد اعتاد الناس أن يُفدوُا زعيمهم بالمال ، إن كان المطلوب الفدِاء، وأن يبكوه أحرَّ البكاء ... أمّا أن- يسلخوا- جلودهم، ويخيطوها عليه، حرصاً منهم على بقائه بينهم- حيّاً ، لو كان ينفع ذلك!!- وما أعظمَهُ – بذلاً- أن يتحمل القوم- سلخ- جلودهم، إذا كانت خياطتها على زعيمهم تنجيه من الموت-!- ثم .. إن الشطرة الأخيرة- مَثَلٌ- يضرب ، في حالات مشابهة . والمثَلُ .. خلاصة التجربة، واستقطار للمشاعر والأحاسيس ، وتعبير عميق عن الصدق.
.. فأين بيتُ حافظٍ من بيتِ سُوَيْدٍ ؟!
- والبيت الخامس من أبيات حافظ إبراهيم = فيه .. مغالطة، في المعنى ،في الشطرة الأولى، فلا يصحّ ( ورأيتَ كيف تفي الشعوب رجالها ) – معنى البيت: أنك لو بقيت، حيّاً ،لرأيت: كيف نضحّي من أجلك. أمّا في البيت الذي قبله فهو يتمنى بقاءه ، لكي ينصرهم في العاديات !- فهل هم ينصرونه- أم هو الذي ينصرهم؟ّ الكلام فيه اضطراب وغموض .
= وبعدُ ..
- فأظنّ بهذا .. أنني أعطيت مثلاً تطبيقياً على – الكيفية- التي يكون بها التحليل والنقد للنصوص الأدبية – وأكتفي بهذا- خَشيَة – الإطالة .ولكن يجدر أن أؤكد أن هذه القصيدة تأتي دون قصيدة – أبي تمام- التي أشرنا إليها- بمرحلتين، فهذه القصيدة ليست مكتنزة التعبير، ولا تتعالق فيها الصور البيانية مع التعبير والمعنى. وهذا ليس راجعاً إلى أن ابا تمام قديم وحافظ إبراهيم معاصر .فليس للزمن هنا اعتبار ، وإنما الاعتبار للبلاغة وعمق الفن الشعري – بدلالة أنني أقدم أحمد شوقي على حسان ابن ثابت المعاصر لرسولنا – صلى الله عليه وسلم ،في مدحهما للرسول المعصوم ، فشوقي أعظم شعر في مدح الرسول المعصوم من مدح حسان للرسول الكريم ، بصورة واضحة . وأن أؤكد أيضاً أن دراسة الزميل لما تناوله من ديوان حافظ- كلُّهُ بهذا الفقر والسطحية والبُعْدِ عن النقد والتحليل- بُعْدَ المشرقين .