عمون - نوف الور – دقّت النائب السابق عبلة أبو علبة "ناقوس الخطر" تجاه استمرار الحكومة في الالتزام ببرامج صندوق النقد الدولي، واعتبرته "لا يبشر بخير".
وقالت أبو علبة، أمين عام حزب "حشد"، في لقاء لـ عمون، إن الحكومة الحالية جاءت لتنفذ برنامجاً اقتصادياً شديد الصعوبة على الشعب الأردني وكان هذا واضحا في برنامجها وما بدأت تفعله، وهذه الاجراءات الاقتصادية التي وقعت مؤخرا منذ مجيء هذه الحكومة هي وفق برنامج بين الأردن الرسمي وصندوق النقد الدولي.
ورأت أن هذا البرنامج كان سببا في ثورة الشعوب العربية التي قدمت نفسها في ثورات احتجاجية ضد أنظمتها، كما حدث في مصر وتونس تحديداً "فلم يعد للشعب ما يخسره فحدث ما حدث في هذه الدول".
وقالت: نحن نريد في الاردن اصلاحاً وتغييراً سلمياً بعيداً عن العنف، من اجل التغيير الى الافضل، مشيرة إلى أن الاستمرار في الالتزام ببرامج صندوق النقد الدولي لا يبشر بخير، و"هذا يعني مزيدا من البطالة ومزيدا من رفع الاسعار فصندوق النقد الدولي يطلب رفع الدعم عن بعض السلع الارتكازية الاساسية مثل الخبز والطحين والمحروقات، هذا يعني مزيدا من الاهمال للانتاج الوطني، ومزيداً من برامج الخصخصة ويزيد من تبعية الاردن لمراكز رأس المال العالمي".
وأضافت: "ادق ناقوس الخطر لان هذا الموضوع يجب الا يستهان به لا من قريب ولا من بعيد، تأتي رئيسة الصندوق الدولي وتعطينا علامة جيد او اقل بقليل وتطلب من الحكومة رفع الضرائب وبعد اسبوع يخرج لنا قانون ضريبة الدخل الذي يقدم مزيدا من الامتيازات للبنوك واصحاب رأس المال".
وتابعت: هنالك مشكلة في هذا الموضوع ان الحكومة لا تلتفت كثيراً لاحتياجات الطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة، وانا من هنا انبه وبدوري كأمين عام اول للحزب واقول ان اصلاح اي قانون سياسي من دون ان يترافق مع قانون اقتصادي يبقى ناقصا وبحاجة الى استكمال.
وزادت: في الاردن افضل منطقة خصبة في العالم في الاغوار لماذا لا تستثمر هذه المنطقة اقتصاديا فتتطور المنطقة وتعيش في حالة كفاية لاسعاف المزارعين هناك.
ورأت أن ابرز ما تقوم به الحكومة الحالية جملة اجراءات اقتصادية تتناسب تماما مع برنامج صندوق النقد الدولي والرأسمالية العالمية، وكان يجب ان يكون هناك شيء ما لتنمية الاقتصاد الوطني، لان استمرار الاعتماد على القروض والمساعدات الخارجية هذا يؤدي بالاردن الى الهلاك.
مطالبات الإصلاح
وتطرقت ابو علبة إلى مطالبات الاصلاح في الشارع الاردني، وقالت: هي لم تتغير وان الحراك الاردني خفت لكنه لم ينطفئ.
ورأت أن "الحراك والشارع الاردني مرتبطان، والحراك وهو لم يتوقف عن المطالبة بالاصلاح حتى وان قررت الجهات الرسمية التوقف عن مشروع الاصلاح الا ان الحراك الشعبي الاردني لن يتوقف، نعم الاصلاح خفت وتضاءل لكنه لم ينتهِ".
وطالبت أبو علبة "الجهات الرسمية ان تنظر بجدية كاملة الى هذا الموضوع"، وقالت: إذا نظرنا الى الخلف وتحديداً قبل 3 سنوات فقد بدأ الحراك الاردني بجملة من المطالبة بالاصلاحات السياسية والاقتصادية.
وقيّمت أبو علبة ما حصل من اصلاحات بالمقارنة مع مطالبات الناس، وقالت: على الصعيد السياسي هناك بعض الاصلاحات السياسية متمثلة باصلاح قانون الاجتماعات العامة وقانون نقابة المعلمين والتعديلات الدستورية الـ 42 من بينها تشكيل هيئة مستقلة للانتخابات وتشكيل المحكمة الدستورية الا ان هذا كله توقف عند ابواب قانون الانتخابات النيابية وقانون الاحزاب السياسية، اللذين لم يجر عليهما أي تغيير جدي يذكر.
واستدركت "صحيح ان هناك قائمة وطنية اعتمدت في قانون الانتخابات البرلمانية لكن نسبتها 18% من مجموع اعضاء مجلس النواب، وكما رأينا في نتائج الانتخابات وهي لن تؤثر اطلاقا على هوية مجلس النواب".
وشددت على أن "الحراك الشعبي لم يتوقف لان الامور الاقتصادية تفاقمت والاوضاع المعيشية من سيئ الى اسوأ، وهذا كله سبب ولا زال يسبب ضغطا كبيرا على الفئات الشعبية المتوسطة والفقيرة والتي هي اصلا صاحبة الانتفاضة ومادة الحراك الشعبي، لا شيء تغير على الجانب الاقتصادي وعدم التغير هو سبب مباشر في اي حراك مطلبي، اذن انا اتوقع ان الحراك سينهض ويستمر محتجا على السياسات الاقتصادية التي اتخذت مؤخرا. فغلاء الكهرباء والمحروقات هذا يعني ان اي سلعة اخرى مرشحة إلى الارتفاع، وهذا يسبب ضائقة شديدة للمواطن الاردني ويعطي سببا كافيا من اجل استمرار موضوع الحراك".
اما سياسيا، قالت أبو علبة، إن القضايا السياسية التي وقعت مؤخرا وتحديدا الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة للسيادة الاردنية وحتى للاتفاقيات التي وقعت – وادي عربة عام 1994- على سبيل المثال رفع الوصاية الهاشمية عن المقدسات هذا شيء متفق عليه في وادي عربة، الا ان اسرائيل لا تهتم، واخيرا ما حدث وهي الجريمة التي وقعت بمقتل الشهيد رائد زعيتر، وقبل هذا وذاك هناك دعوات متكررة من الجانب الرسمي الاسرائيلي لاعتبار الاردن هي فلسطين واعتبارها وطناً بديلاً لفلسطين وانكار حق عودة الفلسطينيين الى وطنهم، هذا يتداخل مع المصالح الوطنية الاردنية ومع المصالح المشتركة الفلسطينية الاردنية، وهناك احتقان شديد في الشارع الاردني على الممارسات الاسرائيلية.
اما المشروع الامريكي المطروح مؤخرا والذي يتضمن انكار لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ولا يأتي على ذكر القدس لا من قريب ولا من بعيد، ويطلب من الجهات العربية الاعتراف بيهودية الدولة لم يتبقَ سوى الاعتذار للاسرائيليين عن المسيرة الكفاحية الطويلة ضد المشروع الصهيوني، على اساس ان الحق في الارض هو للصهاينة.. كل هذا سبب احتقانات لدى الشارع الاردني.
مجالس نيابية وقوانين الانتخاب
وحول المجلس النيابي الحالي رأت أبو علبة ان 150 نائبا يشكل عبئا على قدرة مجلس النواب في انجاز ما يجب انتاجه، وهذا ما قاله نواب حاليون، لان الوضع مهلك ومتعب على ما هو عليه خاصة في غياب كتل نيابية، وانا اقول ان العودة الى 120 نائبا كما كان سابقا افضل.
وقالت: إن مجلس النواب السابع عشر في تركيبته الاجمالية لا يختلف كثيرا عن المجلس السادس عشر والسبب هو ان القانون الذي جرى على اساسه انتخاب المجلس الحالي لا يختلف كثيرا عن القانون السابق، القائم على الصوت الواحد، حتى في التعديل الطفيف جدا الذي اقيم على أساسه القانون الحالي، فهو يعيد إنتاج الصوت الواحد مرة اخرى. فلم تستقر كتلة نيابية واحدة، والسبب ان القانون لم يقم على أساس التمثيل الحزبي الكامل ولا القائمة الحزبية او قائمة على مستوى الوطن.
وتابعت: نحن نرى 150 نائباً اي 150 رأياً ومن الصعب الثبات على رأي واحد، وهذا كان متوقعا ولم يفاجئنا نهائيا تماما كما كان في المجلس السابق، ومع احترامي لكل النواب، أنا أتحدث عن القانون وقانون الصوت الواحد ينتج نواباً جهويين اكثر من كونهم نواباً على مستوى وطني عام وعكس القانون الذي يعتمد قوائم حزبية او قوائم على مستوى الوطن، وبذات الوقت تراعي الوضع الداخلي في البلاد.
وأشارت إلى "احزاب المعارضة طرحت ان يكون نصف نواب الوطن ينتخبون على اساس قائمة الوطن والنصف الاخر على اساس القوائم الفردية وللاسف لم يؤخذ الا بنسبة ضئيلة من هذا الرأي". ثم جرى التعامل في نظام الانتخابات بطريقة اعادت انتاج الصوت الواحد ففي احسن الاحوال فاز 3 من احدى القوائم و2 من قائمتين وما تبقى فاز منها واحد فقط، وهذا اعاد انتاج الصوت الواحد وهذا من المستحيل ان يطور دور الاحزاب، فقانون بهذه الطريقة لن يطور الاحزاب، ناهيك عن الية الحوار وامكانياتها داخل هكذا مجالس ضعيفة جدا والخلافات التي تجري تشكل صدمة فالخلافات على قضايا من السهل ان تحل بالحوار فلماذا يتحول الخلاف الى خلاف شخصي ويستخدم فيه العنق الكلامي.
وشددت على أن "هذا كله يمكن معالجته بقانون متطور بحيث ينتج افضل ما في الشعب الاردني، او اكثر تناسبا مع متطلبات الاصلاح".
الأحزاب والشباب
وحول الاحزاب والشباب خاصة في الجامعات رأت أن "هناك مشاكل تواجهنا في الاحتكاك مع الشباب، كانت الجامعات ميادين للفكر والثقافة وتبادل الاراء فيما مضى، الان تقريبا هذه الجامعات مقفلة على الاحزاب، فالان لا تستطيع الاحزاب التنسيق مع الجامعات لالقاء محاضرة للطلاب عن قضية ما وتبادل الاراء فيها".
وقالت: تخطئ الجهات الرسمية حينما تبعد الشباب عن التحدث في القضايا العامة، فاين تذهب طاقات الشباب فالطاقات اين ستذهب فالبحث العلمي قليل جدا، وان لم تذهب لقضايا فكرية وسياسية، والا فستذهب الى الاقتتال الداخلي كما شهدنا، فهؤلاء الشباب هم رصيد البلد وثروته.
وشددت على أن "قانون الانتخابات والاحزاب بينهما روابط، فان عدل قانون الاحزاب ولم يعدل قانون الانتخاب بنفس الاتجاه الذي يقدم فيه قدرة للاحزاب وامكانية ان تخوض الانتخابات ضمن قائمة وطنية والا ستكون فائدة تعديل قانون الاحزاب وحده ضئيلة جدا، نعم لتعديل قانون الاحزاب السياسية وفق متطلبات الاحزاب لكن هذا يجب ان يكون جنبا إلى جنب بتطوير قانون الانتخابات البرلمانية". وهذا "لم يعد مطلبا لاحزاب المعارضة بل اصبح مطلبا لكثير من المؤسسات ولاغلب الشارع الاردني".