رئيس الحكومة ليس طارئاً على السياسة والاقتصاد والإدارة فقد أمضى 50 عاماً في العمل العام ومارس مسؤوليات مالية ، وأشغل مراكز دبلوماسية ، ومناصب وزارية ، وكان نائباً في البرلمان لدورات متعددة ، وقد اختير رئيساً للحكومة لتحمل مسؤوليات المرحلة.
حكومة عبد الله النسور فازت بالثقة في البرلمان السابق وفازت بالثقة مرتين في البرلمان الحالي ، ومن حقها أن تحكم ، وأن تتحمل المسؤولية تحت رقابة البرلمان والرأي العام.
لكن جهات متعددة تتصدى للقيام بوظائف الحكومة ، والنهوض بواجباتها ، والتخطيط لأعمالها ، وتجهيز قراراتها ، ثم تقديمها لها لتعمل بموجبها.
بل إن مجموعة المبادرة البرلمانية تريد أن تقوم بدور الحكومة ، فترسم السياسات وتصوغ القرارات ، ليس في مجال واحد بل في جميع القطاعات ومناحي الحياة ، بما فيها الصناعة والزراعة والطاقة والمياه والتعليم والصحة والسياحة والأمن والعمالة إلى آخره بحيث لا يكون أمام الحكومة سوى الانصياع لما يقدم لها من جدول أعمال وإجراءات وقرارات جاهزة ، أو أن تتحفظ وتدفع الثمن الذي قد يصل إلى إسقاط الحكومة. بعبارة أخرى فإن المبادرة النيابية تقول للحكومة: اسمعوا وأطيعوا وإلا نرسلكم إلى بيوتكم على قاعدة إما أن نحكمكم أو نقضي عليكم.
من حق النواب أن يراقبوا أعمال الحكومة ، ولكن المراقبة مثل النقد الأدبي أوالعلمي ليس إنتاجأً بل تقييمأً ينتهي بالقبول أو الرفض أو التعديل. حتى سلطة التشريع المناطة دستورياً بالمجلس تعني أن يدرس المجلس مشاريع قوانين تصوغها الحكومة ، فيقبلها النواب أو يعدلونها أو يرفضونها ، ولكنهم لا يكتبون القوانين ابتداءً ، فهذه مهمة الحكومة وأجهزتها المتخصصة.
النائب فرد ، والحكومة جهاز ضخم من الخبراء والمتخصصين والأجهزة الإدارية والفنية ، وهي الأقدر على تفهم التحديات واجتراح الحلول ، على أن تخضع تلك الحلول للرقابة اللاحقة حماية للمصلحة العامة ومنع الانحرافات.
لا نفهم لماذا تعطي مجموعة من النواب ثقتها بالحكومة إذا كان هؤلاء النواب لا يثقون بقدرتها على التخطيط السليم ومواجهة التحديات الصعبة ، وصنع القرارات الصحيحة وإدارة الاقتصاد الوطني.
جلالة الملك كلف الحكومة ، وليس أية جهة أخرى ، بإعداد خطة اقتصادية لعشر سنوات ، فهذه مهمتها التي لا يجوز لأية جهة أخرى أن تغتصبها .
باختصار: دعوا الحكومة تحكم ، وقوموها إذا انحرفت ، ولكن لا تحاولوا الحلول محلها.
(الرأي)