أكتب ظهر الثلاثاء.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس انتظر وزير الخارجية الأميركية جون كيري في رام الله أمس الساعة السابعة مساء، ثم التاسعة، وقيل له إنه سيصل في الحادية عشرة، إلا أن أبو مازن ذهب للنوم في العاشرة، واجتمع كيري مع الدكتور صائب عريقات وأعضاء الوفد الفلسطيني. وربما يصدر هذا المقال اليوم وكيري في طريقه من أوروبا لمقابلة أبو مازن بعد أن كان قابل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو في القدس الإثنين، وأبو مازن ينتظره في رام الله.
أكتب بعد حديث مع مسؤولين فلسطينيين في موضع القرار، وثقتي بهم كاملة. هم يقولون إن التسوية تبدأ بمسألتين، قبول الإسرائيليين مبدأ إنهاء احتلال الدولة الفلسطينية، والاعتراف بالمسؤولية التاريخية والقانونية والأخلاقية عن وضع اللاجئين الفلسطينيين.
الجانب الفلسطيني برئاسة أبو مازن لن يقبل شيئاً لا يشمل دولة مستقلة في حدود 1967 كاملة السيادة وعاصمتها القدس. سألت عن المستوطنات وقيل لي: إلى مزبلة التاريخ. المستوطنون سرطان قديم وخطر على المنطقة كلها. مجبولون بالخرافات والكذب.
أبو مازن صلب ومتماسك، على الرغم من كل المحاولات الإسرائيلية وأدوات الضغط المباشر أو غير المباشر، فهي كلها، أو عامل السن لن تغير شيئاً من الموقف الفلسطيني الرسمي المعلن.
كيري حسن النية ويريد تمديد المفاوضات، التي يُفتَرَض أن تنتهي مع نهاية هذا الشهر، حتى نهاية السنة، إلا أن في إسرائيل حكومة فاشستية تعمل بإصرار ضد السلام وتحاول الإيقاع بين الرئيس الفلسطيني وشعبه، فهو إذا قبل ما تعرض إسرائيل سيخسر المواطن الفلسطيني، وإذا أوقف المفاوضات سيخسر الوسيط الأميركي. غير أنني لا أحتاج أن أنتظر حتى نهاية السنة، فأسجل هنا أنه إذا لم تطلق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين فالمفاوضات ستتوقف.
يُفتَرَض أن يكون مروان البرغوثي في الدفعة الرابعة، إلا أنه لن يخرج بشروط إسرائيل فيفقد ثقة شعبه، وقد طُرح اسم محمد دحلان، إلا أنه إشاعة، فلا شعبية له إطلاقاً في الضفة، وقد نسيه أهل القطاع، لأن هناك جيلاً كاملاً تحت الحصار لا يعرفه ولم يسمع باسمه.
الجانب الفتحاوي في السلطة الوطنية لا يزال يطلب اتفاق مصالحة يرتكز على حكومة مشتركة مع حماس برئاسة أبو مازن، وانتخابات خلال ستة أشهر، وحتماً قبل نهاية السنة على أساس برنامج سياسي يرتكز على المبادرة العربية والشرعية الدولية.
سمعتُ التالي (وأنقل حرفياً): إذا رفضت حماس لن نسمح باستمرار خطف غزة. قد نُضطر إلى خطوة جديدة هي إجراء انتخابات على أساس التمثيل النسبي لتجديد شرعية النظام السياسي الفلسطيني وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير.
وسمعت: هذا الاختيار سيكون الأخير في حال إصرار حماس على موقفها العدمي. يجب على قادة حماس أن يقرروا: هل يتركون القرار عن مستقبل الشعب الفلسطيني بيد حركة الإخوان المسلمين العالمية أم هم جزء من شعبنا؟ البوصلة الوطنية يجب أن تكون على أساس الشراكة، لكن معلوماتنا أن الحركة العالمية للإخوان المسلمين لم تعطِ حماس ضوءاً أخضر للمصالحة وهم يعيشون على أوهام الحاج مرسي....
سمعت كلاماً كثيراً، ومنه أن حركة الإخوان المسلمين لن تتردد في التضحية بحماس وشعب غزة، بل التضحية بفلسطين في المواجهة المستمرة مع النظام الانتقالي في مصر. الإخوان خسروا وبقي أن يدركوا هذا.
(الحياة اللندنية)