يتميز الأردن بالاستقرار والاستمرارية مما يسمح بتحديد ما نريد وتوجيه المسيرة بشكل يجعلها تحقق أهدافاً معينة وعدم ترك الامور تأخذ مجراها بشكل عشوائي.
في وقت واحد تقريباً برز الشعور بالحاجة إلى رؤية مستقبلية أو خطة استراتيجية أو خارطة طريق اقتصادية، فهناك منتدى تطوير السياسات الاقتصادية الذي كان قد قرر أن يتصدى لهذه المهمة، وهناك المبادرة النيابية التي يقودها د. مصطفى الحمارنة، وقد وضعت برنامج عمل للحكومة تصفه بأنه قابل للتطبيق ويحقق الأهداف المرغوب فيها بالشراكة بين الحكومة ومجموعة المبادرة النيابية، وكانت تطفو على السطح من وقت لآخر الإشارة إلى الأجندة الوطنية التي كانت تستشرف حالة الأردن لسنوات عديدة مقبلة ولكنها وضعت على الرف بمجرد الفراغ من طبع وثائقها.
مشروع الرؤية والخطة المستقبلية اكتسب ُبعداً جديدأً برسالة جلالة الملك إلى الحكومة يطالبها بإعداد خطة لعشر سنوات مقبلة، قابلة للتنفيذ وفق برنامج زمني محدد، وتركز بشكل خاص على تحسين نوعية الحياة للمواطن الأردني، وتخفيف الضغوط التي يتعرض لها، ويؤمن الاتجاه نحو المزيد من العدالة وحسن توزيع مكتسبات التنمية بشرياً وجغرافياً.
الكرة الآن في ملعب الحكومة، وهي كرة ساخنة بدون شك، وعليها أن تتصرف بسرعة، وأن تبني علي ما يتوفر من أهداف وسياسات اقتصادية لا خلاف عليها، سواء وردت في أي منتدى فكري، أو في وثيقة الأجندة الوطنية، أو في أوراق المبادرة النيابية، على أن تلبي المتطلبات التي ذكرها الملك في رسالته.
من حق كل الجهات أن تجتهد وأن تدلي بدلائها في هذا الموضوع الحساس، ولكن المسؤولية الأولى والاخيرة تقع على كاهل الحكومة، ولا تستطيع تجييرها لأية جهة أخرى.
من الطبيعي أن تحدد الخطة أهدافاً معينة يمكن التعبير عنها بالأرقام والمواعيد، ولكن المهم أن لا تكون مجموعة من التمنيات لأوضاع مثالية لا خلاف عليها، فالمشكلة لا تتلخص في عدم معرفة الأهداف المطلوبة والمرغوبة بل في وسيلة تحقيقها ضمن حدود الموارد البشرية والمالية، والمحددات السياسية والاجتماعية.
(الرأي)