تكهنات و تبخيت في حسابات خلافة البخيت ..
د.عبدالفتاح طوقان
05-03-2007 02:00 AM
جلالة الملك عبد الله يعرف كيف يكسب . خلال حكمه ثمان سنوات للاردن حافظ على العرش عاما بعد عام في ظروف غير طبيعية ، في عالم متعدد الملل و الطوائف و ضد منافسات شديدة .حديثه الصادق الى برنامج "ستون دقيقة" في الفضائية الاردنية و اسلوبه في الاقناع و الحوار دفع به الى المربع الذهبي في الحكم خصوصا و انه ركز في نقاط ثلاث على الشعب و مستقبل العلاقات السياسية و الوضع الداخلي .
و منذ ان اعلن عن الانتخابات النيابية و التى يتوقع لها نهاية العام ، او على اقل تقدير خلال ستة اشهر ، و اكثر من اثنين و نصف مليون نسمة هما نصف تعداد المملكة و شهيتهم و تكهناتهم مفتوحة على الحكومة و رحيلها القريب ، و من سيخلف الرئيس الحالي الدكتور معورف البخيت .
يرى البعض ان دور البخيت و الذي بني على "وضع امنى " منهار بتفجيرات فنادق عمان ، قد دفع به الى سدة السلطة التنفيذية ، و لكن اليوم و بجهود الملك عبد الله و الاجهزة الامنية الواعية عاد الاستقرار و الامن و بالتالي فأن سبب احضار اللواء البخيت من الجهاز الامني الى السلطة قد انتفى ، و بات التغيير حديث الجميع مع تصريحات الملك عن الانتخابات . و قدشهدت الاونة الاخيرة العديد من الهجوم على حكومة البخيت و تقصيرها الواضح في اكثر من مناسبة . و اقالة البخيت هي مؤشر على ان الوضع الامني مستقر و ان عودة الاستثمار و الاستقرار و الطمأنينة الى الناس قد لاحت ساطعة في الافق و على اللواء البخيت ان يعود الى مجلسه مع خالص الشكر والثناء.
المرحلة القادمة بحاجة الى طاقم وزاري متفائل ، نشط ، بلا اعذار ، قادر على العمل و الانجاز ، ، مليء برجالات و نساء الوطن الاكفاء القادرين على تحقيق الرؤية الملكية ، فريق يقود الى النجاح و يصنع " الدولة المرجع و النموذج " في المنطقة و خال من وزراء "متحف الشمع" .
التكهنات تدور في ثلاثة محاور ، الاول هو رئيس اردني من الجنوب و الاكثر حظوة بالمنصب هو الفريق الركن المهندس عبد الهادي المجالي ، مدير الامن العام الاسبق ، السفير في واشنطن و نائب رئيس هيئة الاركان في الجيش و الذي يعتبر ديمقراطي ليبرالي اجاد ادارة البرلمان الاردني لاكثر من دورة ، و قام مؤخرا بلعب دورا هاما في حشد احزاب الوسط في تيار واحد ، و يمثل ثقلا عشائريا كبيرا . و في حال تكليف الملك له برئاسة الحكومة الاردنية فأنه من المتوقع ان تكون حكومة قوية تضم فيها وزراء سابقون من كتلته مثل مفلح الرحيمي و جدد من امثال المهندس سامي الرشيد و سوف يعهد الى وزير الخارجية الاسبق هاني الملقي بحقيبة هامة ، قد تكون الخارجية او منصب نائب الرئيس بالاضافة الى وزارة الصناعة و الطاقة التى سيدمجهما معا .
و يتكهن بعض الساسة ان ناصر اللوزي الوزير الاسبق للاعلام ، و ابن رئيس الوزراء الاسبق احمد اللوزي و ابن شقيقة رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم الكباريتي مرشحا يمثل كتلة الشباب المتعلم في الولايات المتحدة الامريكية ، و ليس له خصوم ، و يمتاز بالديناميكية . و ناصر اللوزي قادر على تأمين الثقة في مجلس النواب من خلال معارفة و شبكة علاقاته القوية و قد يستفيد من دعم خاله الرئيس الاسبق الكباريتي و الذي قد يرشح له اربع او خمس وزراء ومنهم اثنان من العقبة و معان ، محل ثقل الكباريتي الاساسي . و يعتقد البعض ان الدكتور بسام الساكت سيكون له منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة اللوزي اذا ما تشكلت .
و يرى اخرون ان الرئيس الاكثر تناسبا مع المرحلة و الى حين اجراء الانتخابات هو زيد فريز ، نائب رئيس الوزراء الحالي خصوصا و انه يحمل الملف الاقتصادي ، و يتمتع بخبرة كبيرة في الامور المالية و السياسات الاستراتتيجة . و في حال تولي زيد فريز المنصب فأنه سيعهد الى سهل المجالي بمنصب وزير الاشغال ، و عون الخصاونة لمنصب نائب الرئيس .
و هؤلاء الثلاث يمثلون منصب رئيس الوزراء الاردني من اصول اردنية في مرحلة هامة من تاريخ الاردن الحديث .
و المحور الثاني ، او التكهن الثاني ان يعهد الى رئيس الوزراء الاسبق ، و احد مستشاريه الحاليين ، من اصول فلسطينية و تحديدا من نابلس ، طاهر المصري و الذي سبق له تولى منصب رئيس مجلس النواب الاردني ، و كان قد لعب دورا هاما في مؤتمر مدريد باسبانيا مؤخرا عندما تحدث عن الدور الفلسطيني و الدور الاردني و اهمية قيام الدولة الفلسطينية . و طاهر المصري تعلم من الحكومة التى شكلها في عهد الملك الحسين ، و ينظر له انه في حال تكليفه سيأتي بوزراء غير تقليدين و رجال اعمال مثل مهدي الصيفي و حيدر مراد و سيعيد الى الواجهة وزراء و قد يأتي يمدير الاذاعة و التلفزيون فيصل الشبول ناطقا رسميا خصوصا و انه كان من رشحه الى الرئيس عبد الروؤف الروابده لتولى منصب وكالة الانباء الاردنية سابقا.
وفي نفس الاطار ، رئيس وزراء من اصول فلسطينية هنالك الوزير السابق و الناطق الرسمي الحالي بأسم الحكومة ناصر جودة ، و الذي يتكهن البعض ، ان رئيس الوزراء الاسبق و رئيس مجلس الاعيان الحالي زيد الرفاعي ، قد رشحه للملك عبد الله في حديث على الطائرة الملكية اثناء مرافقته له في رحلته الاخيرة الى الولايات المتحدة الامريكية لمقابلة الرئيس بوش ، خصوصا و بعد ان ابتعد سمير الرفاعي ابن الرئيس زيد الرفاعي عن الساحة السياسية و اتجه الى ادارة الاسثتمارات العقارية مع شركة امارتية عالمية في الاردن . و المعروف ان ناصر جودة هو ابن شقيقة الرئيس الاسبق زيد الرفاعي و صهر الامير الحسن ولي العهد الاسبق للاردن .
و المرشح الثالث ، و هو من حيفا ، وزير الاشغال الحالي حسني ابو غيدا و الذي يجيد التفاوض ، و لديه مقدرة على الانسجام الهاديء مع التيارات الاسلامية ، و التى كانت قد رشحته على قوائمها لمنصب النقيب و بالتعاون مع الاجهزة المعنية في فترة حرجة من الحياة السياسية الاردنية . و هو مهندس معماري و صاحب شركة استشارية هندسية و رئيس اتحاد المهندسيين العرب ووزير اشغال نشيط لعب دورا في محاولة انقاذ الحكومة من حالة الثلج الذي جمد اوصال الحكومة . و في حال تكليفه فان حكومته ستحمل معها رموزا قريبة من التيار الديني و المستقليين التكنوقراطيين . وقد امضى جزءا من حياته في اربد و درس في سوريا و له علاقات من خلال النسب مع القيادات السورية و التى قد تفسر لصالح العلاقة السورية الاردنية .
و ابتعد عن التكهنات كل من باسم عوض الله الوزير السابق و الذي كان مرشحا قويا لرئاسة الحكومة الاردنية لفترة و عهد له بادارة مكتب الملك عبد الله و هو عمل يديره بكفائة و اقتدار ، و هو لاعب رئيس في تزكية مرشحين للوزاره للملك بالاضافة الى الاجهزة و اختيارات رئيس الحكومة المكلف.
و قد غاب عن الصورة رئيس الوزراء الاسبق فايز الطراونة و الذي قد يعهد له الملك عبد الله بمنصب رئيس مجلس الاعيان في الدورة القادمة ، و هو امر غير مستعبد لما يتمتع به من مقدرة على ادارة مجلس الملك بمنتهى الحكمة و الفعالية.
عودة الملك من امريكا بعد ايام قليلة ، ستحرك الساحة السياسية ، فهو صاحب القرار الاول والاخير في ترحيل وتكليف و اقالة رؤساء الوزارات ، و الكل ينتظر و يترقب و يتكهن المعروف و غير المعروف من المفاجات الملكية السارة.
aftoukan@hotmail.com