قمة التضامن لمستقبل أفضل في الكويت كانت القمة العربية الخامسة والعشرين، وبعض القمم «غير عادي» عندما يطرأ حدث يستوجب اجتماع القادة العرب. وقد قرأت مرجعاً موثقاً عنها راجعته ووجدت أنني حضرت خمس قمم.
المرجع عن القمم كان كتاباً وزع على هامش قمة الكويت صدر عن وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وعنوانه: جامعة الدول العربية، نشأتها والبيانات الختامية.
وجدت في الكتاب مقدمة كتبها الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح، وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب، الذي اعتبر جامعة الدول العربية المظلة الشرعية للعمل المشترك.
الشيخ سلمان صديق عزيز يعامل كل مؤتمر وكأنه مسؤول عنه وحده، وجلست إلى جانبه في عشاء استضاف فيه رجال الإعلام، فلم يأكل وهو يقف ويقعد ويسلم على واحد ويعانق آخر، ويتبادل الحديث مع الضيوف فلا يهمل أحداً.
الشباب والصبايا في وزارة الإعلام خبراء في استضافة القمم، ويكفي أن الكويت استضافت أربعاً منها في سنة واحدة. وأعتبر أن حقوقي وصلت إليّ عندما أرى الأخ طارق المزرم أو الأخت صبا خريبط، فهما لا يقصران مع أحد.
القمم العربية الخمس التي حضرتها كان أولها قمة الرباط في تشرين الأول (أكتوبر) 1974، بعد حرب 1973، التي اعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين.
قمة الرباط تبقى بين أهم القمم العربية، غير أنني استفدت منها مهنياً بشكل لم أتوقعه، فقد استطعت والزميل محمد عنان، المدير المسؤول لـ «الحياة» في حينه، الحصول على بطاقة عضوية في الوفد السعودي، كما حصل الزميل عزت شكري من وكالة رويترز على عضوية الوفد المغربي، والزميل سليم اللوزي على عضوية وفد عُمان، فكنا أربعة صحافيين عرب داخل فندق هلتون حيث جرت جلسات المؤتمر، في حين بقيت صحافة العالم كله في الخارج تنتظر الأخبار.
حضرت بعد ذلك قمتين غير عاديتين، في الدار البيضاء في أيار (مايو) 1989، وفي القاهرة في حزيران (يونيو) 1996.
غير أن قمة بيروت في آذار (مارس) 2002 كانت بين أهم القمم إلى درجة منافسة قمة الرباط في 1974، ففيها قدّم ولي العهد السعودي في حينه الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، الملك الآن، مبادرة السلام العربية التي تبناها المشاركون بالإجماع.
في إسرائيل اليوم حكومة نازية جديدة ولا سلام معها، وإذا كان أبو مازن لا يزال يفاوض فلأنه لا يريد أن يُتَّهَم بتضييع «فرصة أخرى» للسلام، مع إصراري على أن الفلسطينيين لم يضيّعوا أي فرصة، وإنما هم يواجهون احتلالاً همجياً يحظى بمساعدة غربية، خصوصاً أميركية.
كل مَنْ حضر مؤتمراً مهماً يدرك أن الاجتماعات الخاصة على هامش الجلسات المعلنة مهمة، وبعضها أهم من المعلن. وقد حاولت جهدي أن أسمع من وزراء أثق بهم رأيهم في إمكانات رأب الصدع مع قطر بعد أزمتها مع مصر وسحب سفراء ثلاث دول في مجلس التعاون.
وجدت أن العبارة التي ترافق الحديث عن الموضوع هي «أرجوك لا تذكر اسمي» فالوزراء يريدون إنهاء الخلاف إلا أن الذين تحدثت معهم، كلاً على حدة، قالوا إنهم لا يتوقعون حلاً غداً أو بعد غد. وقال لي وزير خليجي إنه إذا لم يحلها الشيخ صباح الأحمد فلن يحلها أحد.
سرني أن أرى زين الشباب الأمير سعود الفيصل فقد عرفته على مدى عقود وهو ابن أبيه وطنية وحكمة. وأجمل ما في القمم العربية لي أن الكل من أهلنا، ولست مضطراً كما يحدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن أفرّ هارباً حتى أبتعد عن أمثال مجرمي الحرب من حكومة إسرائيل الذين يحضرون مؤتمرات عالمية بدل أن يكونوا واقفين أمام محكمة جرائم الحرب في لاهاي.
(الحياة اللندنية)