اتحاد الشيوعيين الأردنيين خطوة إلى الأمام
جهاد المحيسن
30-03-2014 01:56 AM
اليسار العربي وعلى وجه التحديد الأحزاب الشيوعية العربية، ولد في لحظة أزمة نتيجة لعدة عوامل ذاتية تتعلق بعدم القدرة على تكييف الأفكار الماركسية مع شكل البنى الاجتماعية والاقتصادية الموجودة في الواقع العربي، وأصبح مفكرو هذا التيار ومنظروه مشغولين بقضايا تتعلق بفهمهم هم وما خبروه من أفكار ماركسية، دون توجيه نقد معرفي لهذه النظرية وتطويعها لفهم الواقع العربي.
وبرزت نماذج كثيرة وكبيرة في ذات الوقت لتحليل الواقع، وقدّمت مطالعات نظرية مهمة في الاقتصاد والسياسة والتراث والثقافة بكل معطياتها، وأثّرت الثقافة والفكر العربي، في مختلف حقول المعرفة، ولكنها تباطأت في توظيف الخطاب الديني والثقافي والتراثي العربي، وضم جمهور الناس إلى مجالها المعرفي، عندما وضعت مقابلات نظرية في مواجهة فكرة التدين التي هي مكون أساسي في تكوين الشعوب والأفراد، ما أفسح المجال للقوى الدينية المتأدلجة، وغير المتأدلجة في توجيه سهام النقد لها، بالإضافة إلى التهديد الذي شعرت به الأنظمة العربية من خطورة وجود حركة شيوعية ناشطة تستطيع أن تقدم نفسها بديلا من هذه الأنظمة التي ترتبط مصالحها بالدول الرأسمالية، وتعزز من النفوذ الديني والبرجوازي في المجتمع للحفاظ على السلطة والثورة.
أما العامل الموضوعي فهو شائك ومشتبك بحركة المجتمع والدولة والثقافة والفكر والواقع، وبحاجة لبحوث نظرية كثيرة تستدعي من اتحاد الشيوعيين الأردنيين تقديم مساهمات نظرية عميقة وجادة لفهم هذه التحولات المجتمعية والاقتصادية، وخصوصا أن المرحلة الحالية تحتمل النقد والتأويل والانفتاح على صنوف المعارف المختلفة، بعد أن أعطيت فرصة ذهبية للأفكار العلمانية، لتعيد ترتيب أوراقها بعد أن ثبت أن الواقع العربي لم يعد مسكوناً بالمقولات التراثية التي لا تمت لا للتراث ولا للواقع بشيء، بل هي مقولات وضعت بعناية لخدمة جماعات وأفكار محددة!
اتحاد الشيوعيين الأردنيين عقد مؤتمره التأسيسي في مجمع النقابات المهنية، وناقش في اجتماعه وأقر مشروع الوثيقة السياسية، ولائحته التنظيمية، وانتخب أعضاء المجلس المركزي للاتحاد المكون من 40 عضوا. لقد أنجز الاتحاد الجانب التنظيمي والسياسي، ولكن بقي الأهم؛ الجانب النظري الذي يستدعي نقد التجربة الشيوعية بأسرها على الساحة المحلية الأردنية، وتوسيع المجال لنقد التجربة كلها مع باقي الشيوعيين في العالم العربي، لتوفير بيئة حاضنة تستطيع أن تتجاوز أخطاء الماضي.
الوثيقة السياسية التي سيعمل الاتحاد على تحقيقها مهمة وتستحق العمل لها ومن أجلها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصا أن سياسة اقتصاد السوق وأسواق المال وقيام الدولة بدورها الاجتماعي وضرورة تحقيق إصلاح ضريبي يعتمد مبدأ الضريبة التصاعدية، تشكل هدفا لكل مواطن.
يضم اتحاد الشيوعيين الأردنيين أعضاء التنظيمات وتجمع الشيوعيين إضافة إلى شيوعيين خارج هذه الأطر التنظيمية، لكن بقي القول إن على الاتحاد توسيع قاعدته وأن يتجاوز إطار التنظيم المغلق، والاستفادة من تجربة عبدالخالق محجوب في السودان!
(الغد)