للبيت ربّ! .. *ناهض الوشاح
29-03-2014 02:07 AM
البيت المعمور والسقف المرفوع بدعاء مسموع فوق المنابر يارب الأرباب وتحت المآذن آمين.
عدد كبير من البشر يرتادون المساجد يذكرون الله قياما وقعودا وبأصابعهم يُسبّحون الله ويستغفرونه بُكرة وأصيلا ... تجدهم يوم الجمعة أفواجا من كل درب ينسلون ... ملابسهم الأنيقة يرتدونها بعناية خذ زينتك عند كل مسجد ...
أطفالهم يتسابقون معهم ليتفكّروا فيما يقوله الخطيب على المنبر ... تعليم تلقيني نظري ، كنا قوماً أذلاّء فأعزنا الله بالإسلام ... الحالة المعنوية للمصلين مرتفعة ... مكبرات الصوت خارج المسجد تصل إلى المساجد المجاورة ...حتى همهمة المصلين وهم يقولون آمين تجتاح أسماع النساء اللواتي بنتظرن أزواجهن على الغداء بمجرد انتهاء الصلاة .
قد لا أكون شيخا كبيرا ولا عالم دين ولا صاحب نبوءة لأدرك أن التاريخ لن يُنجب مؤرخا مثل ابن خلدون ليذكر عدد مساجدنا التي بنيت لحضارة ترف وعبادات أشبه بطقوس نؤديها متى جاء النداء ... يوم الجمعة ... شهر رمضان ... وعيد يُعيد علينا هزائمنا .
أيهما خير بناء مسجد يُغلق بعد كل صلاة ... أم بناء بيوت للفقراء والمساكين ولمن لا يجدون سقفا يختبئون تحته من برد الشتاء وحرّ الصيف ؟؟
المدرسة تُحوّل الأطفال إلى كائنات متعلمة حسب نظرية بافلوف السلوكية ،والمسجد لا يجتمع فيه سوى الأطفال والهرمين وبعض أصحاب اللحى التي يعلم الله أين أخذت علوم دينها ... أما الشارع فهو الضياع وولادة جيل مدجج بالجريمة والمخدرات حسب نظرية على بن أبي طالب (ما ضرب الله عباده بسوط أوجع من الفقر ).
الفقر الذي يتحدّى كل فضيلة أمام بناء مسجد لن يردع إنسانا عن عمل ما يشتهي عندما يكون العوز والحاجة وصلت فيه إلى صحارى الانحطاط .
يقول عالم الاجتماع علي الوردي: كُلما كان الظُلم الاجتماعي أشدّ كان بناء المساجد وتشجيع الوعظ أكثر . ولا أظن أن الثروات الطائلة التي تُنفق على بناء المساجد وزخرفها ستكون أحب إلى الله من عبد رفع رأسه في العراء ومدّ عنقه إلى السماء وقال ربِ إني مغلوب فانتصر واجبر قلبي المنكسر وأنت أرحم الراحمين .