نطالع بين حين وآخر تحقيقات أو أخبارا أو حتى شائعات، تتحدث عن تلوث ما في منتجات الأردن، أو غذائه، وأذكر أن مثل هذه الأخبار -خاصة التي لم تكن موثقة، أو احتوت على قدر ما من التهويل- كانت سببا في إلحاق أذى كبير في قطاع الزراعة، حيث دفعت بعض الدول التي تستورد المنتجات الأردنية، خاصة في الخليج، إلى إغلاق باب استيرادها، ما سبب أزمات هائلة للمزارع الذي يعاني أصلا من معضلات مستعصية، وتذبذب في وضعه دون إغلاق باب التصدير، فكيف يصبح عليه حاله مع إغلاق هذا الباب..؟
قرأت أخيرا مادة صحفية تتحدث عن «تلوث» ما في مأكولاتنا، وللحق، فإن مهمة الصحافة أن تعمل كـ «كلب حراسة» لحفظ حق الجمهور في الإطلاع، والتنوير، ولكن على من يتصدى لهذه المهمة الجليلة أن يتحلى بحس وطني عال، بحيث يوازن بين حق الجمهور في الاطلاع، والمصلحة العليا للوطن وأهله، خاصة حينما يتعلق الأمر بحياته وصحته، المادة الصحفية اياها استفزتني، كما استفزت كثيرين، ومنهم طبعا المؤسسة العامة للغذاء والدواء، وهي مؤسسة اثق في عملها، وحرصها على أدائه وفق أعلى ما تستطيع من جهد، وقد سعدت في وقت سابق بلقاء مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتور هايل عبيدات، واستمعت منه مطولا لآلية عمل المؤسسة، و»فدائيتها» في حراسة صحة المواطن، بغض النظر عن مستوى «الفساد» السائد في مجتمعنا ومؤسساتنا عموما، ما يجعلني مطمئنا لكل ما يصدر عن المؤسسة، ومن هذا ما أصدرته أخيرا، تعقيبا كما يبدو على المادة الإعلامية ذاتها، وغيرها مما يتعرض لمدى ملاءمة منتجاتنا للصحة.
نتائج التحاليل المخبرية لبرنامج رصد الملوثات للمحاصيل المروية بالمياه المعالجة في وادي الأردن للموسم 2012- 2013 خالية / ذات مستويات تلوث أقل من الحدود المسموح بها عالمياً، هذا ما توصلت إليه المؤسسة، وقالت إن النتائج المخبرية تؤكد أن استخدام المياه المعالجة المستصلحة في الريّ يعتبر ممارسة آمنة يجب العمل على تطويرها، ونظراً لعدم شمولية ظاهرة التلوث ضمن 5ر99 بالمئة من المحاصيل في نفس المنطقة التي تم جمع العينات منها فإن مصادر أخرى هي المسؤولة عن تلوث ما نسبت 5ر0 بالمئة من مجمل العينات المفحوصة، أما اهم مصادر التلوث، فمتعلقة بروث الحيوانات والعادات الصحية غير السليمة لعمال المزرعة أثناء جني المحصول والتلوث أثناء النقل والمناولة في السوق المركزية، كل هذا يعني أن إنتاجنا من الخضر والفواكه صحي تماما، خاصة أن المؤسسة تنفذ عددا من برامج الرصد للمنتجات الغذائية المعروضة للتداول للمستهلكين ومن ضمنها برنامج رصد متخصص للخضار والفواكه الأردنية والمروية من مياه معالجة (معاد استخدامها) ومقارنتها مع تلك المعروضة للتداول في اسواق الخضار المركزية وللعام الخامس على التوالي، وبالتعاون مع الجهات المعنية وهي الوكالة الألمانية للتعاون الدولي وسلطة المياه ووزارة الزراعة وسلطة اقليم وادي الاردن، وقد اظهرت النتائج المخبرية خلو هذه المنتجات من معايير التلوث التي تمت دراستها سواء الجرثومية ونسبة النترات والمعادن الثقيلة وكانت مطابقة للمعايير العالمية (المواصفات القياسية الاوروبية) ليس هذا فحسب، بل تقوم المؤسسة بالتعاون مع شركائها من المؤسسات الفنية مثل الوكالة الألمانية ومنظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للتعاون لشؤون البيئة في تطبيق الدليل الإرشادي للبرنامج الأردني لرصد الخضار الطازجة المروية بالمياه المستصلحة وتطبيقه من قبل المزارعين وبمشاركة المرشدين الزراعيين في وزارة الزراعة.
لهذا، نقول للجميع، كلوا مما ننتجه باطمئنان، وصحتين وعافية!
(الدستور)