الإسلام قرين السعادة الحقيقية بكل معانيها وتجلياتها في الدنيا والآخرة، وهو عدو الشقاء والضنك والضيق والكبت، ومن هنا نفهم قول الله تعالى: ((طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى ))، وهذه الآيات كانت سبباً في هداية عمر بن الخطاب، عندما قرأها لأول مرة شرح الله صدره وعرف أن هذا الدين عظيم، عظيم في جوهره ومعناه، وعظيم في مقاصده وغاياته، وعظيم في أحكامه وشرائعه.
إن الذين لا يفقهون هذه الحقيقة، ويجهلون هذا المقصد العظيم يسيئون إلى الدين، ويسيئون إلى الأمة، ويسيئون إلى الناس كافة، لأن الإسلام والجهل لا يجتمعان، وليس هناك أضر على الأمة من الجهلاء، خاصة إذا تسربل هذا الجهل بالدين وتغطى بأردية الشريعة واحكامها.
لقد بعث الله الرسل، وأنزل الكتب من أجل نشر الهداية والنور والرشد، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن دياحير الجهل والظلم والتخلف إلى ساحات المعرفة والعدل والتقدم والتحضر، والرقي في الأقوال والأفعال والوسائل والأدوات.
إن كل من يحمل الإسلام ويفهمه يجب أن يقدمه وصفة لإسعاد البشرية، وليس وصفة للقتل والدم ونشر الشقاء بين البشر، وكل من يحمل الإسلام يجب أن يعلم الناس الحكمة، وحسن الخلق وجمال التعامل، وأن يعلمهم كيف يحرروا عقولهم من الخرافات والأساطير التي تذهب بالفكر، وأن يتحرروا من رق الشهوات والهوى، وأن يتعلموا أسباب القوة ومهارات التعامل مع الكون.
الفهم الصحيح للإسلام هو الذي يرفع الإنسان إلى ذلك المستوى الرفيع الذي يؤهله لحمل الأمانة، ويرتفع إلى مستوى التكريم الرباني الذي يليق بمهمة الخلافة في الأرض، ومهمة إعمار الكون ونشر الخير والفضائل.
الفهم الصحيح للإسلام يؤدي إلى نشر السلم العالمي والأمن العام والرفاه والنماء لكل مخلوقات الكون من الناس والأنعام والنبات.
الفهم الصحيح للإسلام يعني النظافة والطهارة والوضاءة، والرائحة العطرة، والمنظر الجميل، ويعني النظام والترتيب والتناسق، ويعني تقديم الخدمة، والإيثار على النفس ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
الفهم الصحيح للإسلام يعني بر الوالدين وصلة الأرحام، واحترام العلماء، وتوقير الكبار والعطف على الصغار، ومساعدة ذوي الحاجات، وإعانة الفقراء والمساكين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصيانة الحق العام، والتنافس في الخيرات، والتعاون على البر والتقوى.
الفهم الصحيح للإسلام يعني حفظ النفوس وصيانة الدم والعرض والأرض والممتلكات، وحفظ الحقوق والحريات، والحكم بين الناس بالقسط.
الإسهام في نشر الإسلام الصحيح فهماً وممارسة، مهمة المجتمع بكل مكوناته وجميع مؤسساته وأفراده بلا استثناء،وليست مهمة حزب معين او فئة محددة،فهي مسؤولية الامة صاحبة الولاية العامة والوصاية على الدين، وكل من يناقض ما سبق هو بعيد عن فهم حقيقة الدين وجوهر الاسلام،ويجهل مقاصده واحكامه، وليس من الإسلام في شيء.
(الدستور)