كيري سيفشل والمفاوضات ستتوقف
جميل النمري
28-03-2014 02:57 AM
قدم الأخ نبيل شعث شرحا مفصلا للأفكار المطروحة لإطار كيري للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهي لا تختلف كثيرا عما نعلمه، لكن الاستماع للتفاصيل المريرة من صاحب الشأن له نكهة أخرى.
نحن أمام خطة فاشلة، لا نصيب لها من الحياة. وقال شعث إن مقترحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لا تقترب حتى مما عُرض على الفلسطينيين في مبادرات سابقة، وهي ليست مقبولة إطلاقا من الجانب الفلسطيني، وإن الفلسطينيين قبلوا الدعوة إلى المفاوضات حتى لا يتم تحميلهم سلفا مسؤولية الرفض لجهود السلام، لكنهم أيضا لن يقبلوا تمديد مهلة المفاوضات التي تنتهي أواخر الشهر المقبل، إلا بوقف كامل للاستيطان الذي تتعمد إسرائيل زيادته خلال فترة المفاوضات.
وقدم شعث للمشاركين في مؤتمر الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية العربية والأوروبية، والذي عُقد في عمان الأسبوع الماضي، شرحا مؤثرا، يدين بقوة الأسلوب الأميركي الذي يتناغم مع ما تريده إسرائيل، لكن بعبارات أكثر غموضا ومرونة.
فمثلا، تريد إسرائيل بقاء سيطرتها الأمنية على غور الأردن لثمانين سنة! بينما يقترح كيري عشر سنوات، نهايتها مرتبطة بالرضا الإسرائيلي عن الوضع الأمني! ويرفض الإسرائيليون أن تكون القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين، فيقدم كيري عبارة تقول بتفهم رغبة الفلسطينيين في عاصمة تكون في إطار القدس الكبرى؛ أي عمليا في أي من البلدات خارج المدينة المقدسة.
وتقبل الخطة (الإطار) أن يكون الأساس للمفاوضات حدود 67، لكن مع الأخذ بالاعتبار الحقائق الديمغرافية الحاصلة على الأرض، أي المستوطنات الإسرائيلية كلها. وبالنسبة للأمن، تبقى المعابر تحت الإشراف الإسرائيلي، وكذلك السيطرة الجوية، وحق الملاحقة في عمق الأراضي الفلسطينية.
هكذا، وكما أعاد شرح الموقف د. مصطفى البرغوثي، فإن المطروح ليس أكثر من "بانتوستانات" فلسطينية تحت الهيمنة الإسرائيلية، وليعطها الفلسطينيون الاسم الذي يشاؤون؛ دولة أو أي شيء.
ويعطي البرغوثي صورة مؤلمة لما يجري على الأرض فعلا، ولا يرى أي جدوى من التفاوض. فالحكومة الإسرائيلية القائمة هي أكثر الحكومات تطرفا ويمينية في تاريخ إسرائيل؛ والمرحلة الحالية، عربيا ودوليا، هي أسوأ من أي مرحلة سابقة، وموازين القوى لا تسمح بأي تسوية معقولة. بل إن كل مسيرة "أوسلو" ثبت فشلها، والأجدى الالتفات إلى تنظيم المقاومة الشعبية، حسب التجارب الناجحة للتعبئة الشعبية على نقاط المواجهة الساخنة مع الاستيطان والتعديات الإسرائيلية.
كنت قد لمست بعض التفاؤل الرسمي عندنا بخطة كيري، وهو لم يكن في محله. كما لم يكن في محله نزول أقلام وأوساط سياسية وحتى نيابية، إلى الساحة؛ تهول من الخطر القادم؛ حيث الترتيبات للتسوية على الطريق، بتواطؤ من السلطة الفلسطينية. ولم يكن لدي شك في أن لا شيء فعلا على الطريق؛ فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحكومته اليمينية المتطرفة، لا يمكن أن يعطيا شيئا يقترب، ولو قليلا، مما عُرض سابقا من حكومات أكثر اعتدالا. ثم إن كل ما تقدمت به خطة الإطار يُظهر أن الأميركيين لا يبتعدون، ولا يقدرون على الابتعاد، جديا عن الموقف الإسرائيلي. ثم في النهاية، كان واضحا أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ينأى بنفسه عن التورط المباشر في هذه المحاولة، ويترك الفشل المحتمل، بل والمؤكد، فيها لوزير خارجيته.
يبقى أن على السلطة الفلسطينية التمسك بالفعل بعدم تجديد المفاوضات، إلا بوقف نهائي وكامل للاستيطان. والمتوقع طبعا أن ترفض إسرائيل هذا الشرط، فتتوقف المفاوضات. وسيكون على الفلسطينيين التفكير باستراتيجية كلّية بديلة.
(الغد)