كانت الدولة الأبوية في عالمنا العربي حتي سنوات قليلة، تفرض هيمنتها علي مسار حياة الانسان، ليس فقط في القبضة الامنية، بل في كل جوانب الحياة المعيشية، لكن ثورة الاتصالات، وأهم منتجاتها شبكة الانترنت، لم تترك شيئا علي حاله، ومن بين ذلك حرمان الحكومات من الاستمرار بالتحكم في المعلومات، واحتكار مصادر تدفقها، وأصبح باستطاعة كل مواطن بكبسة زر، الذهاب الي أقصي نقطة في العالم ومعرفة اي معلومة، ومتابعة ما يجري، من احداث لحظة وقوعها، عبر القنوات الفضائية والمحطات الاذاعية وشبكة النت !.
ونتيجة العولمة ومتطلباتها أفلت الكثير من الامتيازات التي كانت تتمتع بها السلطة من يديها رغم ارادتها، وكانت لذلك ايجابيات تتمثل بحرية تدفق المعلومات، وسلبيات كبيرة علي الامن الاجتماعي والاقتصادي، نجمت عن هجوم الخصخصة وفوضي الاسعار، وتخلي الدولة عن دورها في ضمان توفير الخدمات والسلع الأساسية للمواطنين بأسعار متوازنة !.
ربما لم يكن يخطر بالبال، ان تشمل ثورة المعلومات، الارصاد الجوية، والتنبؤ بحالة الطقس، فهذه العملية كانت جزءا من مسؤوليات الدولة، وحتي وقت قريب كان الناس يترقبون النشرة الجوية التي تبث في النشرات الرئيسية للتلفزيون والاذاعة الرسميين، وتنشرها الصحف المحلية، نقلا عن بيان تصدره دائرة الارصاد الجوية، وكان المزارعون اكثر المتابعين للنشرة الجوية، بهدف أخذ الاحتياطات اللازمة لوقاية محاصيلهم من أي منخفض جوي او موجة صقيع! .
منذ سنوات، اصبح ثمة مصادر عديدة لمعرفة الاحوال الجوية من غير مصادر الحكومات، ومن بين أهم المصادر القنوات الفضائية وشبكة الانترنت، وخلال الشتاء الحالي ظهرت في الاردن، مصادر خاصة جديدة للتنبؤ بالاحوال الجوية، تنافس بقوة دائرة الارصاد الجوية، بل كانت في بعض الاحيان اكثر دقة في رصد والتنبؤ بالمنخفضات الجوية و غزوات الصقيع والعواصف الثلجية، مما قدمته دائرة الارصاد الجوية، ولعل أبرز هذه المصادر الذي اثار اهتمام وسائل الاعلام والكثير من المواطنين موقع اليكتروني انشأه شاب اسمه محمد شاكر في بداية العشرينات من عمره، وهو لم يدرس علوم الفضاء او الارصاد الجوية، بل بدأ اهتمامه بهذا الجانب كهاو، لكنه يمتلك ذكاء لافتا وحماسا شديدا لعلمه، وقد أصبح محمد شاكر بسرعة مصدرا مهما لمعرفة حالة الطقس والتنبؤ بالقادم من منخفضات جوية، عبر ما ينشره علي موقعه الاليكتروني، وأكثر من ذلك اصبح مرجعا لوسائل الاعلام، خاصة الاذاعات والصحف الاليكترونية، وأصبح هذا الشاب بجهده الفردي منافسا قويا لدائرة الارصاد الجوية، التي تمتلك اجهزة وموظفين ومديراً عاماً وموازنة خاصة بها، فسبحان الله مغيّر الاحوال، وله في خلقه شؤون !.
Theban100@hotmail.com
عن الراية القطرية .