الائتلاف السوري ومعارك النفوذ .. م.احمد سماره الزعبي
26-03-2014 08:29 PM
بدأت التشكيلات والتنظيمات للمعارضة السورية بشكل عشوائي ، وإن بدأ بعضها قبل الأحداث من خلال صفحات التواصل الاجتماعي معظمها خارج الأراضي السورية ، بالإضافة للأحزاب والتجمعات المعارضة التقليدية ...وفي نهاية عام 2011 ، انبثق من استنبول المجلس الوطني السوري والذي ضم جماعات الحراك ومجموعة إعلان دمشق والإخوان المسلمون وبعض الشخصيات المستفلة . عانى المجلس من صعوبات متتالية للحفاظ على وحدته وتماسكه ، فانشقت عنه مجموعة العمل الوطنية ثم المجلس الوطني الكردي الذي اتهم المجلس بالرضوخ للإملاءات والضغوط التركية ، استحوذ الاخوان المسلمون وحلفاؤهم على ما يقارب ربع المقاعد ، وعبّر عن هيمنة تركية وقطرية على اّدائه ، وازدادت المشاكل بين أجنحة واتجاهات داخل المجلس ومع المجموعات المسلحة على الأرض التي اتهمت المجلس بالضعف وعدم القدرة على تلبية مطالبهم ، كما اختلف المجلس مع هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي وغيرها من الجماعات المعارضة لعسكرة الثورة والتدخل الخارجي .
للخروج من مأزق المجلس ، وبمبادرة من المعارض السوري رياض سيف وبالتنسيق مع امريكا وتركيا وقطر وبمباركة الاخوان المسلمين ، تشكل في الدوحة في نهاية عام 2012 " الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية " وانتخب احمد معاذ الخطيب رئيسا له ،وقد ضم بالإضافة الى المجلس الوطني السوري العديد من الجماعات والشخصيات المعارضة ، واعترفت الجامعة العربية بالائتلاف الجديد ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري ، وهي صيغة مغايرة عن موقف دول الخليج التي اعتبرت الائتلاف الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري ، تلاها فرنسا وايطاليا وتركيا ، وفي استقالته من في اذار من عام 2013 ، اتهم الخطيب جهات دولية وإقليمية بمحاولة ترويض الشعب السوري ومحاصرة ثورته ، وجاءت الاستقالة بعد انتخاب غسان هيتو رئيسا لأول حكومة مؤقتة ، وفي تموز من نفس العام انتخب احمد الجربا رئيسا جديدا للائتلاف وبفارق بسيط عن مرشح الاخوان المسلمين مصطفى الصباغ ، وهو ما بدأ يؤشر الى تنامي النفوذ السعودي داخل الائتلاف .
دب الخلاف بين الأطراف المتصارعة للهيمنة على الائتلاف ، في الوقت الذي لم يتمكن فيه من قيادة المعارضة بجناحيها العسكري والسياسي ، ولم يمتلك قرارات الحرب والسلم ، وشهد تنافسا محموما بين كتلة الجربا المدعومة من السعودية والإمارات وكتلة الصباغ المقربة من الاخوان والمدعومة من قطر وتركيا ، وتجلى ذلك في عزل القائد العسكري سليم ادريس وتعيين عبدالاله البشير خلفا له ، كما تجلى في رفض جماعة المجلس الوطني المشاركة في مؤتمر جنيف 2 الذي وافق الائتلاف المشاركة به بموافقة اقل من نصف عدد اعضاء الهيئة العامة للائتلاف ، وقد علق اكثر من 40 عضوا في الائتلاف عضويتهم بعد انسداد وفشل كل المحاولات الرامية الى إصلاح هذا الجسم ، وانفصاله عن الوافع ، وعجزه عن تحمل مسؤولياته في تمثيل القوى المعارضة وذلك حسب بيان اصدروه .
بطلب من الدول الغربية والإقليمية الداعمة له ، ولسحب ورقة مكافحة الإرهاب من الدولة السورية ، انبرى الائتلاف من خلال المجموعات العسكرية الموالية له بفتح معارك عديدة مع تنظيم داعش ، وخاض معارك طاحنة في شمال وشرق سوريا أسفرت عن احتلالات متبادلة واّلاف القتلى والجرحى ، وفقد مواقعا عديدة لصالح الجيش السوري عبر خساراته العسكرية أو عبر الإستسلام من خلال عمليات المصالحة الوطنية وخاصة في الريف الدمشقي ، ويتراجع دور الائتلاف شيئا فشيئا مع انحسار مناطق النفوذ في المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيمات عسكرية تعترف به خاصة في أرياف دمشق وحمص وحلب ، وفي المناطق التي اصبحت تحت سيطرة داعش ، ويعول الائتلاف على معركة الساحل لإعادة خلط الأوراق من جديد ، كما ينظر الى معركة جنيف حوران وريف الجولان باعتبارهما الحصان الذي سيمتطيه في رحلته القادمة نحو جنيف المشكوك أصلا في انعقادها .
خسارة الإئتلاف العسكرية المتوقعة في القلمون والريف الشمالي لدمشق ، وعدم تحقيق انجازات على جبهة الجولان حوران ، في ظل تراجع وتقهقر على جبهتي الساحل وحلب ، وإغلاق معظم ممرات الدعم اللوجستي ، والخلافات بين الدول الداعمة له ، والمعارك مع داعش ، تضع الائتلاف أمام وضع حرج ، يبدو من خلالها عاجزا لا حول له ولا قوة ، إلا اذا أقدمت الادارة الامريكية أو تقدمت بعض دول الاقليم بنفسها لإنجاز ما فشل الائتلاف ومقاتلوه من إنجازه ، ضاربين بعرض الحائط كل السيناريوهات المتوقعة وتداعياتها على المشهدين الاقليمي والدولي .