الملك الانسان عبدالله الثاني ابن الحسين في لاهاي
السفير الدكتور موفق العجلوني
26-03-2014 01:08 PM
غادرنا ارض الوطن بيمن الله و رعايته جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله قبل يومين متوجهاُ الى لاهاي في زيارة عمل إلى هولندا ترأس خلالها الوفد الأردني المشارك في أعمال القمة الدولية للأمن النووي لعام 2014، هذه القمة التي شارك بها عدد من زعماء العالم و كبار المسؤولين من أكثر من خمسين دولة، و ما يقارب من خمسة آلاف مبعوث وممثل عن منظمات إقليمية ودولية لها اهتمامات بموضوع الارهاب النووي . و ما ان اختتم جلالته مشاركته الى جانب زعماء العالم في هذه القمة حتى توجه مباشرة الى الكويت للمشاركة في القمة العربية , والتي حدد جلالته مسبقاٌ قضايا الهم العربي في مقابلة جلالته مع الحياة اللندنية في الايام الماضية .
من المعروف ان الاردن كان هدفاُ للارهاب , و حادثة انفجارات فنادق عمان التي ذهب ضحيتها عشرات الابرياء ,و قيام اجهزتنا الامنية باللقاء الفبض على المجموعة الارهابية التي كانت تستهدف دائرة المخابرات العامة هذا الصرح برجالة الذين لا تغمض لهم عين , الساهرين على امن الوطن والمواطن . لم يفرق الارهابيون بين رجل و امرأة و بين شيخ و طفل و بين عالم و جاهل و بين مدني و عسكري و بين قمة الفرح و البهجة و السعادة و التراجيديا .و بالتالي فالاردن يعي معنى الارهاب و كان ضحية و هدفاُ للارهابين الذين يفتقرون لادني خلق او انسانية و هم بعيدون كل البعد عن اي دين او خلق او قضية , فالارهاب ليس له دين ولا قومية و لاهوية .
القمة الثالثة للأمن النووي شارك فيها 53 دولة و4 منظمات دولية ، لماذا اجتمع هؤلا و تحت اي شعار؟ نعم اجتمع هؤلاء الزعماء و المسؤولين و كان المتحدث باسمهم جميعاُ ملك الملوك و زعيم الزعماء قولاُ و فعلاُ و عملا و تفاعلاُ و احتراماُ و تقديراُ من المجتمع الدولي , لا لشيء , لان هذا الملك يحمل الهم و القلق العالمي و القضايا الانسانية و على راسها مخاوف الانتشار النووي و نتائجه الكارثية و الخوف من وقوعه بايدي العابثين .
وقد خرجت القمة ببيان مشترك تحت عنوان " منع الارهاب النووي " تضمن آليات محددة لخفض مخزون المواد النووية، وتأمينها بشكل أفضل، وتكثيف التعاون الدولي للحد من مخاطره , وتنفيذ سلسلة من التدابير الوقائية لمنع التهديدات الداخلية والخارجية ذات الصلة بالمواد النووية والمصادر المشعة، أو الأنشطة الأخرى المرتبطة بها, واتخاذ إجراءات مضادة لكشف ومنع الأعمال غير المشروعة، واتخاذ التدابير الإدارية والفنية للحد من الأضرار الناجمة عن الحوادث النووية.
يتزامن انعقاد هذه القمة مع ما يدور في هذه العالم من ازمات دولية خطيره ممكن ان تقود العالم الى المجهول و خاصة في اوروبا و الشرق الاوسط . و الاهم من ذلك كله ان مناطق النزاع تختزن كميات هائلة من الاسلحة النووية و اسلحة الدمار الشامل و الاسلحة المحرمة دولياُ و على رأسها اسرائيل التي ترفض الانظمام الى الوكالة الدولية للطاقة النووية و التوقيع على اتفاقية منع انتشار الاسلحة النووية .و لا زالت هذه الاسلحة تشكل كابوساُ مخيفاُ على دول المنطقة و خاصة في الشرق الاوسط و في ضو التعنت الاسرائيلي وعدم التقدم في عملية السلام ومحاولة اسرائيل عرقلة الجهود الدولية لاقامة سلام عادل و شامل يعيد الحقوق الفلسطينة باقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 و عاصمتها القدس الشريف مع حق العودة و التعويض.
هذه القمة لم تأتي جزافاُ , فقد سبقتها قمتي واشنطن وسول /2012-2010 وبالتالي جاءت هذه القمة لسد الثغرات في البرامج التي لم تشهد تقدماً في ايجاد افضل السبل لتحقيقها.
و حسب ما صرح به السيد بيت ديكليرك كبير مفاوضي القمة إن اللجان التحضيرية التي سبقت القمة لم تحسم النتائج بالقدر الكافي نظرا لتعقّيد القضايا المطروحة على بساط البحث مثل قضايا المواد النووية الخطرة و المواد المشعة الأخرى غير القابلة للانشطار مثل الكوبالت والسترونتيوم والسيزيوم .أضاف أن أي دولة أو جماعة لديها مثل هذه المواد مع المتفجرات العادية يمكنها تصنيع سلاح فتاك ملئ بالإشعاع القادر على تلويث مدن بأكلمها ، وما يزيد الأمر تعقيدا في مراقبة تلك المواد أن الكثير منها له استخدامات طبية في المستشفيات والصناعة والبحث العلمي ، وبالتالي تنتشر على نطاق واسع ويمكن الوصول اليها بسهولة ، وستكون مراقبة هذا النوع من التهديد النووي شبه مستحيل .
و تعود خلفية انعقاد هذه المؤتمر عندما اشار الرئيس الامريكي باراك اوباما إلى مخاطر الإرهاب النووي في كلمة ألقاها في براغ عام 2009. على اثرها عقدت أول قمة في واشنطن عام 2010 بمشاركة سبع وأربعين دولة وثلاث منظمات دولية ، وكان الهدف منها تحسين مستويات الأمان النووي في جميع أنحاء العالم من خلال تعزيز التعاون وإبرام اتفاقات ملموسة تهدف إلى تأمين المواد والمرافق النووية على نحو أفضل .
اما القمة الثانية فقد عقدت عام وفي عام 2012 في سول بكوريا الجنوبية بمشاركة 53 بلداُ و تمخض عنها اعلان سيؤول , وكان اهم النقاط التي اضيف بحثها من قبل المشاركين:
أمن المصادر المشعة المستخدمة فيما يسمى القنابل القذرة.
دعوة ست دول جديدة هي /أذربيجان، الدنمارك، الجابون، المجر ، ليتوانيا، ورومانيا/ والانتربول للانضمام إلى اعمال القمة .
ضرورة زيادة التنسيق بين السلامة والأمن النووي وتوفير حماية أفضل للمصادر الإشعاعية من السرقة وسوء الاستخدام .
و بالمجمل فأن الهدف من قمة لاهاي هو الوصول وبالتعاون مع الصناعيين إلى (حوكمة المواد النووية)، والتركيز على أمن المواد الانشطارية النووية والمواد المشعة بصفتها تشكل تهديدًا أمنيًّا خطيراُ للعالم .
و تأتي مشاركة جلالة الملك حفظه الله بمثابة رسالة مباشرة الى كافة المشاركين في هذه المؤتمر و للمجتمع الدولي , بأن الاردن يشكل المحور الرئيسي في الشرق الاوسط يحمل هم و مخاوف المنطقة بما تعانيه من ازمات و عدم استقرار و خاصة في ايجاد حل عادل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني و في منح الفلسطينين حقوقهم المشروعة بما فيها حق العودة و التعويض و اقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967 و عاصمتها القدس الشريف استناداُ الى قرارات الشرعية الدولية . مع التنبيه بضرورة ان يكون الشرق الاوسط خال من الاسلحة النووية بكافة اشكالها , اضافة الى ايجاد السب الكفيلة و الاحترازات اللازمة للتخلص من هذه الاسلحة .مع التأكيد على تسخير الطاقة النووية للاغراض السلمية و خدمة بني الانسان و خاصة في ضوء النقص الحاصل في مصادر الطاقة .و بالتالي فقد شدد جلالة الملك حفظه الله بخطابه في لاهاي على :
أن الأمن والأمان النووي يجب أن يتصدر سلم الأولويات العالمية، لما لهذا الأمر من أهمية كبرى لحاضر ومستقبل البشرية .
على العالم زيادة التوعية بأهمية الأمن والأمان النووي"، والذي يتطلب العمل على مستويين من ناحية يجب اتخاذ الاحتياطات الأمنية الصارمة، كما لابد من وجود نوع من الشفافية التي تسهم في تعزيز الرأي العام حيال القضايا النووية..
المملكة في طور المصادقة قريبا على الإتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي".
و من هنا فقد اكد جلالته للمشاركين في القمة على "إصدار بيان مشترك قوي ومتابعة تنفيذه بقوة"، مؤكدا ضرورة مساهمة جميع دول العالم في تعزيز الأمن والأمان النووي من خلال تبادل المعلومات والخبرات والتدريب والتقنيات وأساليب العمل وبناء القدرات والإمكانات.
وتقديرا من المجتمع الدولي لجلالته وجهوده في تعزيز الأمن والاستقرار والسلم الإقليمي والعالمي , فقد تم اختيارجلالته من قبل جميع الدول المشاركة في أعمال المؤتمر، ، لإلقاء كلمة باسمهم خلال مأدبة العشاء التي أقامها جلالة ملك هولندا، ويليم ألكسندر، لرؤساء الوفود المشاركة في أعمال القمة .