لماذا لم يتطور الحراك الشعبي؟
جهاد المحيسن
26-03-2014 02:35 AM
في العام الثالث لخروج الحراكيين إلى الشارع، للمطالبة بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد والتوزيع العادل للتنمية بين كل مناطق الأردن، بدا من الواضح في حركته وعنفوانه الأول أنه سوف يستمر على هذه الوتيرة حتى يحقق إن لم يكن جميع ما طالب به، فعلى الأقل الجزء الأكبر منه.
بدأت حركة الشد والجذب بين الحكومات المتعاقبة ومؤسسات الدولة المختلفة وبين الحراكيين. لكن ذلك لم يغير في صورة المشهد كثيرا، فبقي الحراك صامداً، وفي تصاعد مستمر. إلا أنه مع الأزمتين المصرية والسورية، أخذت جذوة الحراك بالخبوّ شيئا فشيئا. ومع زيادة القتل والدمار في سورية، أصبح الحراك يراوح مكانه، وبقي في مناطق محددة لا تتجاوز جنوب الأردن، وعلى وجه التحديد الطفيلة والكرك، وحي الطفايلة في عمان.
لكن رغم هذه المراوحة، إلا أنه شكل حالة رقابية وضابطة إلى حد ما على الفساد المستشري في مفاصل الدولة، وأصبحت له قوة معنوية كبيرة يمكن توظيفها واستخدامها بطرق مختلفة. وبرزت ثلاثة اتجاهات رئيسة يمكن رصدها في حالة الحراك:
الاتجاه الأول: الذي بقي صامداً يطالب بتحقيق مطالبه، وهو الجزء الأقل، وما يزال يخرج إلى الشارع. وقد مني هذا الاتجاه بخسائر كبيرة، نتيجة لعدم قدرته على تنظيم نفسه في إطار يستطيع من خلاله أن يشكل قوة ضغط قادرة على تحقيق مكاسب سياسية على المديين المتوسط والبعيد. وسيطرت فكرة "الزعيم" في ذهن بعض أفراد هذا التيار، بحيث أصبح من الصعب التعامل معهم بحكم هذا الشعور الوهمي بالزعامة، وأصبح البعض منهم بين ليلة وضحاها قائداً بالفطرة.
الاتجاه الثاني: ارتبط بشكل مباشر بالأحزاب السياسية، وخصوصا الإخوان المسلمين وبعض القوى اليسارية. ولم تعط جماعة الإخوان أي أهمية تذكر للحراك عندما بدأت الحرب على سورية، وسارعت إلى تنظيم تحركاتها بما يخدم المتمردين في سورية. وعندما حدث التغيير في مصر على الرئيس محمد مرسي وعودة العسكر للحكم، لم تعد الجماعة معنية بالحالة الأردنية إلا من بعيد، لضمان وجودها على الساحة المحلية.
الاتجاه الثالث: هو التيار الانتهازي الذي انخرط في الحراك لتحقيق مكاسب شخصية. وقد تمكن البعض منه من تحقيق مكاسب صغيرة وسريعة.
لكن، لماذا لم يحدث تغيير؟ لأن السلطة في الأردن هي اللاعب الوحيد في المشهد؛ فهي التي تنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية عن طريق تدخلها المباشر في المسار الاقتصادي، بإعادة تشكيل علاقات القوة والسيطرة الاجتماعية والسياسية في المجتمع، من خلال استخدام أدوات القهر الواقعة تحت سيطرتها المباشرة.
والدولة هي المُنتج المباشر أو صاحب رأس المال الذي ينظم العلاقات وفق إرادته!
(الغد)