صح لسان من قال: كثرة الوجهاء من لحظة ما رخصت العبي.. فأصبح تصنيف الوجهاء في بلدنا مثل تصنيف البطاطا: صنف ممتاز، صنف اول ، صنف ثاني ، " برارة " !! فبعد ان كان الوجيه راعي (الاولة) وصاحب كلمة الفصل ، وفارس مغوار يلوذ عن كل ذي صاحب حاجة.. أصبح بعضهم راعي (قروب على الفيسبوك) وصاحب لايك ، ولا يستطيع ان يفصل في نزاع (ديك) و (دجاجة)!!

حدثني احدهم قصة عن احد وجهاء الصنف (الممتاز) وهي ان احد افراد اسرته كان يعاني من صعوبة في النطق (وبعد ان عجز الاطباء في ذلك الوقت عن علاجه أشار عليهم احد وجوه الخير بأن يتربصوا وجيه العشيرة في احدى المناسبات ويأخذوا(لقمة) طعام من وراء ما أكل (الوجيه).. وبالفعل وفي احدى المناسبات الاجتماعية وبعد ان انتهى (الوجيه) ومن معه من تناول طعام الغداء هرع اهل (الاخرس) ليأخذوا (لقمة) طعام من موطئ يد (الوجيه) في المنسف.. وما هي الا عدة أيام حتى ندم اهل (الاخرس) اشد الندم على اخذهم (لقمة) الطعام من وراء الوجيه لان لسان ابنهم أصبح لا يدخل في (حلقه) من كثرة ما أصبح يلعلع..

الاخوان المسلمون عند سماعهم هذه القصة: سيدعون الله عز وجل ان يثبت علينا الدين والعقل وان ما حل بالامة الاسلامية من تشتت ورجعية سببه هذه الخرافات التي لا يجوز تصديقها او تناقلها.. اما اليساريون فسيرون هذه القصة: عنوانا بارزا للرجعية والتخلف وانعدام الديمقراطية الاجتماعية وان ايدولوجية هذه الفئة انقرضت منذ العصور الوسطى مع أسفهم الشديد لظهورها مرة اخرى.. اما القوميون فسيرون في هذه القصة ضربا لأواصر الوحدة العربية فكيف لنا ان ننظر الى مستقبل امتنا العربية ووحدتها ولازال فينا من لا يتعدى نظره (لقمة الوجيه) ؟!! اما الدجتال فسيرون في هذه القصة (سخافة) ما بعدها (سخافة) ولا بد ان يتم التخلص فورا من هذه الفئة الضالة ووضعهم فورا على قائمة البيع او التبرع بهم الى عربان (بوركينا فاسو) كنوع من توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.. اما نقابة الاطباء فستعرب عن اسفها الشديد لتناقل هذه الخزعبلات حيث ان الذي يعاني من صعوبات في النطق يحتاج الى جلسات طبية عديدة والى اشراف مباشر من قبل ابرز الاطباء المختصين ومن سابع المستحيلات ان يكون العلاج لقمة طعام من وراء وجيه..

اما "السحيجة" فقد اجمعوا ان الموضوع جانب الحقيقة والصواب تماما وان الذي اعاد النطق ليس لقمة (الوجيه) بل لقمة ( …. ) !! اما مجلس النواب فسيتحرك فورا وسيوقع عريضة من 10 نواب لاسقاط الحكومة اذا لم تسجن الوجيه ، والشخص الذي يعاني من صعوبة في النطق ، والمعزب ، وحتى الطباخ .. وذلك حفاظا على مكتسبات وسمعة مؤسساتنا الطبية وحتى لا يكون هناك مستقبل سياحة (منسفية) على حساب السياحة العلاجية !! جميعنا وبرغم اختلافنا في الرأي والفكر سواء كنّا اخوانا اويساريين او قوميين او دجتال او اطباء او سحيجة او نوابا ..ندرك الواقع والحقيقة جميعنا (انخرسنا) لما بطلنا نلاقي (اللقمة)؟!!
(العرب اليوم)