وجه بوتن الناعم وفكيه المفترسين ..
الدكتور احمد القطامين
24-03-2014 04:01 PM
قبل عامين خضع الرئيس الروسي بوتن لعملية تجميلية تضمنت شد الوجه، وتم ذلك قبل فترة وجيزة من انتخابه رئيسا لروسيا الاتحادية. لم تكلل عملية شد الوجه بالنجاح المأمول.. فظهر الرئيس في وضع صعب عندما اخذت الاضواء تركز عليه عند انتخابه رئيسا. لكن وجهه اخذ بالتحسن والعودة للوضع الطبيعي بعد اشهر من ذلك.
للوهلة الاولى تشعر ان بوتن يمتلك وجها ناعما وطفوليا.. لكن احدا لم ينتبه للفك المفترس القابع وراء ملامح ذلك الوجه الطفولي..
هذا ربما شجع اوياما وقادة غربيين آخرين على التحرش به بشكل سافر ومباشر في اوكرانيا فخططو لاسقاطه بالضربة القاضية.. الا ان بوتن اليقظ استخدم القوة القاضمة لفكيه المفترسين لطحن اوركرانيا في ضربة قاضية انتزعت القرم، الجزيرة الاستراتيجية على البحر الاسود مما افزع القادة الغربيين الى درجة فقدان القدرة على التفكير السليم بالخطوات القادمة.
من الواضح ان احداث اوكرانيا وردوود الفعل الغربية والروسية تشكل بمجملها نهاية لمرحلة التعاون الاستراتيجي بين روسيا والغرب وبداية لمرحلة التنافس بمفهومه الاستراتيجي الخشن.
فبينما تتلاشى القوة الامريكية حول العالم بسبب الازمات الاقتصادية الخانقة ونتائج المغامرات العسكرية الفاشلة في العراق وافغانستان، وتتقزم القوة الناعمة لمجموعة اليورو بسبب اعتمادها التاريخي على القوة الخشنة الامريكية، تتفاعل في الجانب الآخر مجموعة من القوى الجديدة تتمثل في الصين والهند وايران وفنزويلا والبرازيل بقيادة روسيا النووية..
لقد تمكن بوتن المستفز ذو الفكين المفترسين من اصابة الكبرياء الامريكية في مقتل في سوريا.. وعندما فشل اوباما في التعامل مع الماكنة الهائلة التي شغلتها روسيا وايران لتمكين الدولة السورية من الصمود في وجه الضخ الهائل غير المسبوق للسلاح والمال والمقاتلين من اصدقاء امريكا حول العالم، لجأ الى احداث الانقلاب الممنهج في اوكرانيا في محاولة غير موفقة لتوجيه ضربة طاحنة لفكي بوتن المفترسين.. وكان فشلا استراتيجيا مدويا وصاعقا.
الآن، وقد انطلق المارد من عقاله، فأن المعادلة الاستراتيجية الدولية ستأخذ منحى سريعا ومتصاعدا بإتجاه تأجيج الحرب البارده بين المعسكر الغربي والدول التابعة له حول العالم والمعسكر الجديد بزعامة روسيا وعضوية الصين والهند وايران والعراق وسوريا ولبنان ومصر ودول اخرى كثيرة ستنضم لاحقا.
ليس من المستبعد ان تحدث منازلة كبرى بين المعسكرين في منطقة الشرق الاوسط حيث الاحداث الكبرى تتفاعل فيها.. وليس بعيدا ان يلجأ معسكر روسيا الجديد الى إحداث حالات جديدة من الربيع العربي في الدول العربية الواقعة في قارة اسيا..
فالدب القطبي غاضب ومستفز وحقق انتصارات هائلة في اوكرانيا.. فدب بهذه المواصفات مع فكين مفترسين لبوتن قد يحدثا تطورات دراماتيكية من الصعب التبؤ بنطاقاتها ومساراتها المستقبلية..