انتصر المعلمون قبل الاقتراع .. بدقائق * مهدي السعافين
23-03-2014 11:06 PM
لم يتسع قلبي لهذا الكم من الفرح المتداخل مع واقع الناس اليومي، بعيدا عن التهريج الذي يحترفه "السياسي" و "المفكر" المفصول عن واقعه المتحرك، اكثر من فرحه الكبير – هذه الايام – في اكتشافي لخلية النحل المكونة من 140 الف معلم ومعلمة ! يمتد تفاعلهم المدهش صباحا وحتى الواحدة والنصف ظهرا في كل يوم من عمان الى مدينة العقبة.
لا يزال المعلمون منذ ربيعهم عام 2010 حتى لحظتنا هذه، يكملون يوم كرامتهم الأول، حين أخطأ وزير التربية والتعليم ابراهيم بدران – ابن عائلة تجار - آنذاك في تصريحه الشهير . " على المعلمين الاهتمام بلباسهم ومظهرهم وحلق ذقونهم قبل المطالبة بإقامة نقابة للمعلمين" فتحركت جموع المعلمين المفقرين في الجنوب وامتدت نحو الشمال ، واخترقت صمت العاصمة عمان في مفاجأة مذهلة ادخلت الفضاء الاجتماعي الاردني في مرحلة متقدمة سمحت باعلان ولادة الحركة الوطنية الأردنية المتحدة على مشروع استعادة البلاد، وما زالت تتجلى معالم هذه الانتفاضة في صورة ملحمية لا يراها النائمون على صفحات الفضاء السياسي الصرف، في موافقة رموز وقيادات حراك المعلمين الأوائل على ( الانتحار ) سوية داخل قائمة مغلقة لا تقبل القسمة على احد ، ولا تفهم إلا لغة واحدة : " اما الفوز... واما الفوز " !.
لكن الصورة ليست فقط كذلك، بل تتعداها نحو شعور جماعي كبير بالقهر، من تدهور هيبة انتصارات المعلمين السابقة، وسقوط النقابة في ايدٍ غير أمينة، جاهلة، وانتهازية، اختصرت نقابة المعلمين كمؤسسة وطنية في " عروض خط امنية " و "رحلات حج وعمرة " واستخفاف لعقول الجميع في تحويل المجلس الإداري الحالي للنقابة إلى عامل " مسكن " يمنع المعلمين من التحرك لتحقيق بقية مطالبهم الوظيفية والمهنية التي طالبوا بها منذ بداية تحركهم.
انتصر المعلمون، على السلطة، وعلى الانتهازيين معا، قبل موعد الاقتراع الذي يفصلنا عنه ثلاثة ايام ودقائق!، حين استطاعوا ومنذ اللحظة الاولى تشكيل قوائم وطنية موحدة تحت اسماء " التغيير " و " المهنية " و " والكرامة " " المستقبل " وغيرها في اثنا عشرة محافظة ودون الحاجة إلى وساطة النخب السياسية البائسة في العاصمة، وكأنه الرد ( الأنيق ) المهذب بالغ الأهمية على مجلس نقابتهم الفاشل، اللذي لا يستحق، تربعه على عرش ( أم ) النقابات المهنية والعمالية بامتياز!.
المعلمون، ايضا، اكملوا اليوم انتفاضتهم دون التراجع لحظة واحدة عن احترامهم لأنفسهم ورسالتهم ، وهم يترفعون بكل عظمة عن إساءة زملائهم المعلمين، في قوائم الإخوان المسلمين، الذين احتجزت عقولهم ( أوامر التنظيم ) ، وقد بدؤوا يستخدمون – في لحظات افلاسهم الاخيرة - سلاحهم القذر والمعروف، حين يقررون الانتهاء من خصومهم في ساحة العمل الاجتماعي ،بالقول أن القوائم الأخرى هي قوائم كفار وفسقة ومخابرات!
انتصر المعلمون، وقياداتهم الصاعدة، والبلد، ونحن في لجان المؤازرة والدعم الشبابية، حين استطعنا استعادة الامل في قلوب من تواصلنا معهم، وتحدثنا اليهم، حين استطعنا ايقاظ المارد في جسد الهيئة العامة المحبط، والمرهق، والمغيب طوال فترة سنتين من الموت السريري اللذي تسبب فيه ( إخواننا ) المسلمون لأبناء مهنتهم المتساوون معهم في الهم ، المعاكسون لهم في الاتجاه!
ثلاثة ايام، وسنبدأ طريق المشي على الاقدام ، من اربد الى عمان ، ومن الكرك الى العقبة ، مسيرة تحية ل " ادما زريقات " ومسيرة تحية للأردن ، البلد والناس والنهوض ، والتقدم، والمقاومة... والكرامة اولا واخيرا..
سكت الكلام، وجفت الصحف، حتى يوم الاقتراع، يوم " انتصارنا " الجماعي لا محاله!.
مهدي سعافين