سيطرت جماعة الاخوان المسلمين على نقابة المعلمين، في دورتها الاولى، ومابين الاتهامات التي يتم تصنيعها ضدها، أو الأخطاء التي تم ارتكابها حقا من جانبها، سنشهد قبيل نهاية الشهر الجاري قراءة جديدة ازاء نفوذ الاسلاميين داخل هذا القطاع.
برغم ان النائب مصطفى الرواشدة، لاينتمي الى الاسلاميين، وكان نقيبا للمعلمين، الا انه بصراحة كان خاضعا لأغلبية الإسلاميين التي تسيطر على مجلس النقابة، وهي سيطرة تحققت بفعل شعبية الاسلاميين من جهة، وبفعل اصرارهم على «الصوت الواحد» في انتخابات نقابة المعلمين، على عكس موقف الاسلاميين من قانون الانتخابات النيابية، وهو موقف يندد بالصوت الواحد!.
هي مفارقة حقا، لأن القضية على ما يبدو ليست قضية تعددية لمواطننا، فهي تعددية مطلوبة في البرلمان لحصد مزيد من الاصوات، لكنها مرفوضة في نقابة المعلمين، لانها ستجلب شركاء.
بدلا منها يتم تقديس وتكريس القائمة المغلقة والصوت الواحد، فيا لهذه الغرابة السياسية حقا؟!.
تقييمات اداء الاسلاميين في نقابة المعلمين، متنوعة، ما بين من يعتبرهم اغلبية مجيدة لعملها، وذاك الذي يراها تورطت في اخطاء كبيرة، من التعيينات لأعضاء منتخبين وغيرهم، الى الرغبة بالاستحواذ على القرار، ورفض التشارك مع الاخرين.
في حالات يؤخذ على الاسلاميين عدم وجود انجازات للمعلمين، يمكن اشهارها خلال تلك الفترة بل يذهب مراقبون الى تعداد كل الانجازات بما في ذلك ذات النقابة الى جسم سياسي لا ينتمي للاسلاميين، وكان سببا بتوليدها قانونيا وسياسيا.
يرى الاسلاميون انهم يتعرضون لحملات منظمة، وهذا صحيح، غير ان واقع الحال يقول ان على الاسلاميين ألا يواصلوا الاستثمار في قصة «المظلومية» لأننا نريد للمعلمين انجازات حيايتة ومهنية، تحسن من حياتهم، والنقابة ليست عملا من اعمال الآخرة، بل عمل دنيوي، يراد عبره تحسين الحياة، قبل الأجر والثواب، وعلى هذا نتمنى ألا يقع الاسلاميون في ذات خطأ الاستحواذ على كل شي مرة ثانية.
البحث عن شركاء من كل المملكة، ومن كل الاتجاهات السياسية، امر جيد، وقبل هذا كله، فإن النقابة جسم مهني قبل ان يكون اداة سياسية ضاغطة لأي اعتبارات، وهناك تغيرات في القواعد قد تؤثر على نتائج انتخابات نقابة المعلمين، خصوصا، مع الكلام عن تقييمات الفترة الماضية.
هناك نقطة مهمة جدا لا يتنبه اليها كثيرون، إذ أن وصول لون سياسي واحد الى كل المواقع في النقابة، سيؤدي الى محاربة النقابة من جهات رسمية، وحصر نفوذها، وافشالها، وهذا للأسف سيرتد على المعلمين، فيما تنوع خلفيات الأعضاء والنقيب، سيخفف من توترات الجسم الرسمي من النقابة وسيجعل التجاوب مع طلباتها ممكنا واعلى درجة.
للأسف لا يمكن الاتكاء على مشروعية صندوق الاقتراع للقول ان الاغلبية الاسلامية خيار الملعمين فلماذا تتم محاربتهم، والكلام صحيح، غير ان مشروعية الصندوق شيء، والواقع شيء آخر؟!.
هذا يعني ان من يريد ان يخدم المعلمين حقا، عليه ان يكون براغماتيا وان يراعي واقع هذه المعادلة، بحيث يقبل بشركاء، مادام هدفه خدمة المعلم، فيما فكرة السيطرة والاغلبية ستجعل النقابة تحت الحصار الرسمي المعلن وغير المعلن.
أيهما انفع للمعلم في هذه الحالة، دخوله في دائرة التغييب، أم حصوله على مزايا حياتية ومهنية، وهذا سؤال موجه ايضا للمعلمين وهم على مشارف التصويت؟!.
للاسلاميين في نقابة المعلمين روايتهم، ولا أحد ينتقص نياتهم، غير اننا نرجوهم لمرة واحدة ان يقولوا علنا انهم يقبلون بشركاء، ولا يريدون الاستفراد بكل شيء، ولا أفهم ابدا كيف يقبل المرء ان يستفرد بكل شيء، فيما هو فعلياً يتحمل كلفة كل شيء، والاستفراد كارثة سياسية رأيناها في تجارب الدول والحكومات والاحزاب والبرلمانات، وعادة ما تكون نتائجها الارتدادية سيئة للغاية.
لأجل كل ما سبق، ولأجل التغيرات المستجدة في اتجاهات القواعد التي تتململ مما جرى، فإننا بكل احترام ننصح الاسلاميين بتجاوز سيناريو السيطرة لأن الاستفراد والاستحواذ سيجلبان عناداً وتحدياً من مطبخ القرار ضد النقابة، بما يجعل عملها معرقلا وصعبا، حتى لو كان هذا رأي قواعد المعلمين، والنزعة للاستحواذ دفن فعلي للنقابة.
نقابة المعلمين بحاجة لتقييم مهني موضوعي، ينزع اللون السياسي، عن ذات عملية التقييم، والسؤال المفتوح امام الجميع والذي يجب ان نسمع عليه جوابا دون حرج....ماذا حققت النقابة في دورتها الاولى وفي ظل تركيبتها التي سيطرت عليها؟!.
هذا كلام المعلمين الخائفين على مهنتهم وحياتهم، ولا همس خلفه، لهذه الجهة او تلك، حتى لا نبقى اسارى لتحليلات السوء وعباقرتها.
ويبقى السؤال: أيهما افضل للمعلمين نقابة بلون سياسي واحد يتم شن حروب العزلة والافشال ضده، فيدفع المعلم ثمن هذه الحروب، أم شراكة وتقاسم، يجعلان الجهات الرسمية اكثر ايجابية في التعامل مع النقابة، والسؤال مطروح على محمل المصالح، قبل المحبة والكراهية؟!.
(الدستور)