من الذي يتآمر على الشعب الفلسطيني؟
فهد الخيطان
22-03-2014 01:44 AM
هنا في الأردن، وهناك في فلسطين، صرفنا أطنانا من الكلام والخطب خلال الأشهر الماضية في نقد خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وما تمثله من أخطار على القضية الفلسطينية، وسيّرنا عشرات المسيرات ضد الخطة المزعومة، ونُظمت الندوات لكشف خيوط المؤامرة الأميركية على قضية الشعب الفلسطيني وسبل التصدي لها.
لكن الأيام كشفت أن المؤامرة الحقيقية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والخطر الذي يحدق بقضيته، داخليان، تهون معهما خطة كيري وأفكاره الجهنمية.
من تابع حفلات "الردح" المتبادل بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، في الأسابيع الماضية، سيخلص إلى نتيجة مفادها أن هذا الصنف من القيادات أشد خطرا على القضية من أعدائها الإسرائيليين، والإمبرياليين، والمتآمرين.. إلى آخر القائمة الطويلة في قاموس "الثورجيين".
ابتلي الشعب الفلسطيني، منذ سنوات، بانقسام كارثي بين حركتي فتح وحماس، انشطر الوطن الواحد بعده إلى كيانين؛ الضفة الغربية وقطاع غزة. انقسام حقق لإسرائيل ما كانت تخطط له من دون أن تحرك جنديا واحدا.
غير أن القيادة الفلسطينية الفذة لم تكتفِ بهذه الخدمة لإسرائيل، فحرصت على إنتاج انقسام ثان في الضفة الغربية، وهذه المرة بين أبناء التنظيم الواحد؛ حركة فتح. ولا تستغربوا في قادم الأيام إذا ما وقع انشقاق مماثل بين الإخوة في "حماس" غزة، خاصة أن بين قياداتهم في الداخل والخارج خلافات تنبئ بما هو أعظم.
في الأسابيع الأخيرة، وبينما كان الحديث يجري عن محاولة جديدة، تحمل الرقم ألف، لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، انفجر من جديد الصراع القديم بين محمود عباس ومحمد دحلان المقيم خارج الأراضي المحتلة، اتخذ شكلا فضائحيا؛ تبادل فيه الرجلان نشر ملفات الفساد، وأقذر أشكال استخدام السلطة للثراء والسرقة على حساب مصالح الشعب الغلبان الراسخ تحت الاحتلال.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد شهدنا حالة استقطاب غير مسبوقة في صفوف السلطة بين مساند لدحلان ومؤيد لعباس. وامتدت التحالفات لتشمل دولا وقيادات عربية، لا تتأخر عن صب الزيت على النار، وشحن الأطراف المتصارعة ودعمها بالمال والمنابر الإعلامية لتزيد الحرب بينهم اشتعالا.
إنه لأمر غريب حقا أن تمنح مصر لأحد أطراف الصراع "دحلان" حرية التحرك على أراضيها، بينما تقاطع تقريبا الطرف الثاني "محمود عباس"، وهي بالطبع تقاطع "حماس" وتحاربها، وتدّعي في الوقت نفسه أنها المعنية بملف المصالحة الفلسطينية!
دول أخرى خليجية متورطة في حرب عباس ودحلان، والتفاصيل بهذا الشأن لا تخفى على أحد. المهم في المأساة أن الطرفين يبديان قدرا كبيرا من التعاون لتوسيع دائرة الصراع، من دون أدنى شعور بالمسؤولية الوطنية تجاه قضية شعب يكافح منذ عقود من أجل نيل حريته واستقلاله.
الشعب الفلسطيني لا يستحق ما يحدث له، وهو جدير بقيادة مخلصة ونظيفة غير هذه القيادة التي يتصارع أقطابها على المغانم والمكاسب، بينما يكاد الاحتلال الإسرائيلي يلتهم ما تبقى من أرض وموارد ومقدسات.
بعد كل الفصول التي شاهدتموها من مسرحية عباس ودحلان، برأيكم من هو أخطر على قضية الشعب الفلسطيني؛ خطة كيري التي لم ترَ النور، أم هذه القيادة التي ضربت عرض الحائط بكل قيم الثورة الأخلاقية؟!
(الغد)