قانون الأحزاب .. إلى الخلف در .. بقلم : مثقال الزناتي
mohammad
21-03-2014 12:49 PM
بالجوهر لا يختلف قانون الأحزاب الحديد عن القديم ،باستثناء تخفيض عدد المؤسسين من خمسمائة إلى مائة وخمسين واستبدال علاقة الأحزاب من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل ورفع سقف التبرعات من خمسة آلاف إلى خمسين ألف دينار من الأفراد والمؤسسات والهيئات الاعتبارية،وسقف دعم الدولة لا يزيد عن خمسين ألف دينار،كما كان في السابق،حتى لو كان للحزب جريدة منتظمة الصدور،ودور قيادي فاعل وملموس في مؤسسات جماهيرية أهلية عديدة. زيادة عدد الأحزاب رغم ايجابيته،لن ينهي الثقافة العرفية السائدة، ودليلنا على ذلك العقوبات الواردة في قانون الأحزاب ،إذ تكفي من وجهة نظرنا نصوص مواد قانون العقوبات الأردني في هذا المضمار، فالحزبي هو كغيره من المواطنين تطبق وتنطبق عليه قوانين العقوبات الأردنية ،هذا ولن يضع القانون الجديد حدا للتخوف من الانتماء للأحزاب السياسية ، التي كانت التوجهات الرسمية،حتى وقت ليس ببعيد،التحذير من خطر الانخراط في صفوفها ،حتى أنه ما زال هناك تخوفا ،(ربما كان مشروعا )من أن أبناء الحزبيين محظور عليهم العمل في العديد من الوظائف والمؤسسات ،وكأن الأحزاب السياسية ليست مؤسسات وطنية.
قانون الأحزاب الجديد يأتي وفق وجهة نظر السياسات الرسمية، وعلى مقاس التوجهات الحكومية،فهو لن يفضي إلى تشجيع الانخراط في الأحزاب وإلى وجود أحزاب جماهيرية قادرة على النهوض بدور الفئات الاجتماعية للتصدي لنهج التبعية والخصخصة والانصياع لإملاءات صندوق النقد الدولي،والنضال من اجل إسقاط اتفاقية وادي عربة ومقاومة الصلح والتطبيع مع إسرائيل ومنع حفر آبار مياه الري في حوض وادي الأردن الغني بالمياه.
قانون الأحزاب الجديد لن يشجع الشباب والمرأة والمزارعين على الانخراط في الأحزاب السياسية نتيجة غياب الاتحاد العام لشباب الأردن وعدم وجود اتحاد عام للطلبة الجامعيين والثانويين، وغياب فروع اتحاد المرأة عن الأطراف والأرياف،والابتعاد عن تشكيل مجالس المزارعين في الأحواض والتأكيد عليها في قانون اتحاد المزارعين،فمن المحال توفر إصلاح اقتصادي بمعزل عن الإصلاح السياسي .
العمل الحزبي عملا تطوعيا،يلزمه الوقت،الصبر،المثابرة ،النفس الطويل والقدرة الفائقة على التواصل والإقناع والتعبئة ببرنامج الحزب واشتقاق برامج وخطط عمل واقعية لمؤسسات جماهيرية،تقودها الأحزاب،فالفقر والجوع والعوز والغلاء الفاحش وطول وشدة ساعات العمل،لا تتيح الوقت للعديد من الفئات الاجتماعية الانخراط في الأحزاب السياسية، خاصة العمال وذوي الدخل المحدود،الذين يعودون من مواقع عملهم منهوكي القوى ومهددوي الحيل،فجل وقتهم الانغماس في عملهم الرسمي وساعات عمل إضافية في مهن أخرى لتأمين مستلزمات العيش والحياة،فمن يضطر للعمل أربعة عشر ساعة يوميا نتيجة السياسات الاقتصادية المنحازة لتحالف السلطة مع رأس المال،لن يبقى له أي وقت للقيام بأعمال تطوعية.
قانون الأحزاب الجديد وعلى الأغلب قانون الانتخابات المنتظر،لن يرفع الزير من البئر،ولن يفضي إلى حكومات برلمانية،فالقانون الجديد لن يفتح الآفاق واسعة رحبة أمام العامة لانخراط عشرات الآلاف في صفوف الأحزاب، ليشاركوا من ثم في أشكال نضال مناسبة للوصول إلى حقوقهم وأهدافهم العادلة والمشروعة،وما رفض ربط علاقة الأحزاب السياسية بهيئة مستقلة لشؤون الأحزاب إلا خير دليل على ذلك،حتى أن ربط علاقة الأحزاب بوزارة العدل بدلا من وزارة الداخلية يؤشر على أن على الأحزاب أن تعود إلى الخلف بدلا من السير إلى الأمام في تنظيم الشعوب، لصناعة تاريخها، أنهم يريدونها أحزابا،بائسة أعدادها قليلة عديمة الجدوى والفاعلية ،اقرب ما يكون إلى الديكور، ليقولوا أنظروا عندنا أحزاب ! أي عندنا ديمقراطية ،على مزاجهم .