قبل المطرة المباركة الأخيرة كان البعض يضغط على الحكومة لإعلان حالة الجفاف ، ولم نعرف ما إذا كان المقصود أن تدفع الحكومة تعويضات نقدية للمزارعين الذين قد يفشل محصولهم. إذا كان الأمر كذلك فليس في الموازنة مخصصات لهذا الغرض. والزراعة مثل الصناعة والتجارة وكل الأعمال فيها ربح وخسارة.
مشاكل الجفاف متعددة أولها نقص المياه الجوفية ، وهذا ما لم يحصل لأن الثلجة الكبيرة كانت قد غذت المياه الجوفية بشكل جيد.
وثانيها فشل المحاصيل الصيفية للقمح والشعير وهذا نشاط زراعي هامشي ولا يزيد الإنتاج منه عن كسر بسيط من حاجة الأردن إلى الخبز والأعلاف ، ولم يعد يشكل عاملاً اقتصادياً واجتماعياً هامأً كما كان الحال في الماضي.
وثالثها التأثير السلبي على الزراعة في الأغوار ، وهو تأثير محدود لأن الزراعة هناك تعتمد على مياه الري التي قد تنقص قليلاً في حالة الجفاف ولكنها لا تنقطع.
ورابعها التأثير على توفر مياه الشرب ، وهذه المشكلة موجودة حتى بدون جفاف ، وقد أعدت وزارة المياه والري الخطط والبرامج التي تؤمن استمرار تدفق مياه الشرب كالمعتاد ، علمأً بأن مياه الديسي لا تعتمد على الأمطار.
هناك عوامل من شأنها تخفيف النتائج السلبية لحالة الجفاف لو كان قد حدث ، أولها أن الجزء الأكبر من الإنتاج الزراعي هو في الواقع إنتاج حيواني: لحوم وحليب وبيض إلى آخره ولن يتأثر كثيرأ بقلة الأمطار ، ومعظم الإنتاج النباتي يتم في الأغوار ولا يعتمد على الأمطار.
وثانيها أن السدود ، وخاصة سد الوحدة ، تحتوي كمية وافرة من المياه يمكن السحب عليها لتعويض النقص.
وثالثها أن نقص الإنتاج يقابله في العادة ارتفاع الأسعار مما يعوض المنتج ، وقد رفع المزارعون أسعارهم على باب المزرعة بنسبة 12% في السنة الماضية بدون جفاف.
الزراعة بشقيها النباتي والحيواني لا تشكل اكثر من 3% من الناتج المحلي الإجمالي وتاثيرها الاقتصادي محدود. صحيح أن الجفاف حالة سيئة ، وكانت في وقت ما تعني المحل والجوع ونفوق المواشي ، ولكنها لم تعد كذلك اليوم.
حالة الجفاف لها معايير عدّدها وزير المياه ولم يتوفر أي منها مثل انخفاض مستوى الهطول إلى ما دون 25% من المتوسط العام (الثلجة أعطت 33%). الأمر الذي يعني أن حالة الجفاف ما كان لها أن تتقرر قبل المطرة الأخيرة حتى لو توفرت معايير أخرى.
(الرأي)