قراءات في الجلسة المشتركة لمجلس الأمة
د. جودت المساعدة
20-03-2014 03:48 PM
عقد مجلس الأمة بركنيه مجلس الأعيان ومجلس النواب, جلسة مشتركة يوم الثلاثاء الموافق 18/3/2014 لبحث المواد المختلف فيها في مشروع قانون إعادة هيكلة المؤسسات والدوائر الحكومية وتحديداً في الخلاف الذي حصل بين المجلسين بخصوص إلغاء هيئة التأمين وديوان المظالم. وجاءت الجلسة تطبيقاً لأحكام المادة (92) من الدستور وقد عقدت الجلسة بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية قرارها التفسيري رقم 1 لسنة 2014 والذي تم بطلب من مجلس النواب, لتفسير المادة (92) أعلاه لبيان فيما إذا يجوز لمجلسي الأعيان والنواب مناقشة المواد المختلف فيها في مشروع أي قانون في جلسة مشتركة أم لا ؟ وقد أصدرت المحكمة قرارها أعلاه بالأكثرية بجواز مناقشة المواد المختلف فيها وبتقديري أن الجلسة المشتركة تم تأجيل عقدها لحين إصدار المحكمة قرارها التفسيري لتلك المادة.
ولغايات الفائدة للمهتمين في هذا الشأن, فأنني إرتأيت الكتابة به وسأتطرق للجلسة المذكورة وقرار المحكمة الدستورية, حيث يجوز التعليق على الأحكام القضائية بما يصب في تعزيز سيادة القانون.
وبالرجوع لما تم في الجلسة المشتركة, يتبين أنه تقرر فيها الموافقة على تعديلات مجلس النواب بإلغاء هيئة التأمين والموافقة على تعديلات مجلس الأعيان بالإبقاء على ديوان المظالم. ولكن قبل ذلك لابدّ من الإشارة إلى أن أعضاء المجلسين قاموا بمناقشة المواد المختلف فيها بين المجلسين وتوصلا إلى إلغاء هيئة التأمين والإبقاء على ديوان المظالم وقد إستندا بذلك إلى قرار المحكمة الدستورية سالف الذكر والتي إسترشدت به على قراري المجلس العالي لتفسير الدستور رقم(1 لسنة 1955و 1 لسنة 1974) ولكن السؤال الذي يطرح نفسه, هل أن رئيس مجلس الأعيان وبصفته رئيساً للمجلسين تأكد من نشر القرار التفسيري في الجريدة الرسمية, حيث يتوجب نشره ولا يصبح نافذاً إلاّ من تاريخ نشره وذلك عملاً بأحكام المادة (17) من قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لسنة 2014. وأتمنى أن يكون القرار قد نشر في الجريدة الرسمية, وذلك تطبيقاً لأحكام القانون وتفادياً من التشكيك في قانونية الجلسة المذكورة.
أما بخصوص ما جاء في قرار المحكمة فإنه من تدقيق حيثياته, يتبين أنها إستندت بتفسيرها من حيث جواز مناقشة أعضاء المجلس المواد المختلف فيها على ما جاء (بقراري المجلس العالي لتفسير الدستور رقم1 لسنة 1955 و1 لسنة 1974).
وبما أن المحكمة وجدت أن المجلس العالي لتفسير الدستور فسر المادة (92) من الدستور بقراريه أعلاه, فقد كان عليها أن تقرر الإمتناع عن تفسير تلك المادة, مادام أن المجلس العالي لتفسير الدستور سبق له وأن فسرها, حيث أن التفسير يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الدستور ولا يجوز تفسير المادة إلاّ مرة واحد. وهذا ما إرتأيت أن أشير إليه من حيث إختصاص المحكمة الدستورية بتفسير نصوص الدستور وإلزامية نشر قرارها التفسيري بالجريدة الرسمية وعدم جواز إعادة تفسير نص أي مادة سبق تفسيرها وعلى الجهة التي طلبت تفسير أي نص دستوري أو الجهة التي ستقوم بتطبيقه التأكد من نشر القرار بالجريدة الرسمية قبل العمل بما جاء به, ولا يفوتني إلاّ أن أشير إلى مداخلة دولة رئيس الوزراء بالرد على طلب عدد من أعضاء مجلس النواب بإضافة إلغاء ديوان المظالم وهيئة التأمين على مشروع القانون, وقد كانت صائبة ومفيدة وفي محلها ولها سندها من الدستور, حيث لايجوز إضافة أية مواد أو أحكام على مشروع القانون المحال من الحكومة للمجلسين ويجب أن تنحصر مناقشة المجلس في مواد مشروع القانون حصراً ولا تمتد الإضافة أو المناقشة إلى غيرها وذلك تطبيقاً لقرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم 1 لسنة 1955 وقد أصاب الرئيس بمداخلته صحيح أحكام الدستور.
وبناء على ذلك فقد توصلت إلى مايلي:
1. إنعقاد الجلسة المشتركة كانت ممارسة للمجلسين لحقهما الدستوري, إلاً أنه كان يستوجب مراعاة القواعد الشكلية لغايات عقد الجلسة والتي من بينها أن يقوم رئيس مجلس النواب قبل ترؤس رئيس مجلس الأعيان للجلسة المشتركة بإبلاغ المجلس بقرار المحكمة الدستورية أعلاه وأنه تم نشره في الجريدة الرسمية.
2. لايجوز للمحكمة الدستورية إعادة تفسير نص أي مادة سبق للمجلس العالي لتفسير الدستور قام بتفسيرها أو أي تفسير صدر عنها لذات المادة.
3. لايجوز لأي من المجلسين إضافة أية أحكام أو مواد على مشروع القانون الذي أحيل إليهما من الحكومة.
وأخيراً أن الغاية من بحث هذا الموضوع وكما أسلفت هي للفائدة وللإضاءة على ماتم من جهة وللتذكير بأنه يتوجب على الجميع وكل ضمن إختصاصه بالتقييد بأحكام الدستور والقانون والله من وراء القصد.