الجامعات الحكومية مثالا ..
د. اسامة تليلان
20-03-2014 02:11 PM
تحظى بعض الوظائف في القطاع العام الحكومي او ما يرتبط به في العالم بامتيازات يتمتع بها العامل او الموظف على شكل زيادة في الراتب او بعض التسهيلات التي ترتبط به شخصيا، وتنعكس على افراد اسرته بشكل غير مباشر مثل العلاوات وما شابه ذلك طالما كان الشخص موجود في الخدمة.
وبالعادة ترتبط هذه الامتيازات بطبيعة الوظيفة ومدى خطورتها او ندرة التخصص او ما شابه ذلك من اعتبارات، فهي لا تأتي اعتباطا ولا كنوع من الدلال الذي ياتي بفعل قدرة ما على اكتساب هذه الامتيازات دون اي اعتبارات موضوعية تجيزها.
هذا الامر موجود ايضا في الاردن وهناك امتيازات وظيفية مبررة، لكن يبدو ان توسعا حدث بفعل ظروف انية واستمر بحيث اصبح الامتياز يورث الى الابناء.
الجامعات مثالا، فالعامل في الجامعات الحكومية ايا كانت وظيفته يحصل على امتياز يمكن توريثه، وهو الامتياز المتعلق بقبول ابناء العاملين بالجامعات للدراسة وفق نظام يجنبهم التنافس على القبول في اطار القائمة العامة.
بمعنى ان الامتياز انتقل كحق من الاب الى الابن في حين ان الابن ليس موظفا في الجامعة فلو كان الامتياز يضمن حق الاب اكمال دراسته الجامعية في الجامعة التي يعمل بها لفهم الامر الى حد ما . اما ان يمنح الابناء هذا الامتياز فهذا ما لا يمكن فهمه.
ابن العامل في الجامعة مواطن والطالب الاخر مواطن ومن حقهم ان يحظوا بفرصة متساوية في التنافس على المقاعد الجامعية بعيدا عن طبيعة مهنة الاب. لان معنى ذلك انه يمكن لابن احد العاملين في الجامعة ان يحصل على مقعد طب بمعدل 90% في حين لا يمكن لزميله في نفس المدرسة ان يحصل على هذا المقعد حتى لو كان معدله 95%. وفي هذا مفارقة تعج بالظلم والإخلال ببعض قواعد الدستور.
وحتى نفهم ذلك بأنه ليس حق يمكن توريثه نورد ما يلي:
ان الطلبة في تنافسهم على المقاعد الجامعية ضمن نفس البيئة التعليمية من حقهم ان يحظوا بفرص متساوية وعادلة في التنافس على المقاعد الجامعية بناء على معدلاتهم في الثانوية العامة ،وان لا يميز طالب عن اخر بموجب مهنة الاب.
والعامل بالجامعة لا يعمل بنظام السخرة حتى يأخذ هذا الحق انما يتقاضى راتب وامتيازات تفوق غيره من العاملين في مؤسسات الدولة.
والمواطن دافع الضرائب هو احد اكبر المساهمين في تمويل الجامعات وفي توفر رواتب للعاملين فيها وبالتالي من حقه ان يضمن عدالة التنافس من اجل ابناءه.
انا اعلم ان مثل هذا الطرح لن يعجب ولن يرضي العاملين في الجامعات ومجالس ادارتها، لأنهم يتعاملون مع الامر كحق مكتسب بغض النظر عن طبيعة هذا الحق ومدى الحاقه بظلم للآخر،وإخلاله بأهم مبادئ الدستور وبما يمكن ان يلحقه هذا الامر من صورة سلبية عن ادارة الدولة.
ثم انهم سيقولون يعني ما في غير ابناء العاملين بالجامعات يتمتعون بمثل هذا النوع المورث من الامتيازات، ما هو ابن السفير سفير وابن الغفير غفير،ثم ان العاملين في المؤسسة الفلانية لهم امتيازات اكثر منا، يعني وقفت علينا، وهكذا تعم التجاوزات كل المؤسسات وتصبح هي القاعدة، وتصبح القاعدة الثانية طالما انا عندي امتيازات لأبنائي مالي ومال غيري، وهكذا يقتل فينا الدفاع عن الصالح العام والدفاع عن فكرة الحق والحفاظ على الحقوق.اما القاعدة الثالثة فالتجاوزات والامتيازات غير العادلة تصبح مكون في ثقافتنا على اساس انها حقوق، وان المؤسسات جزر منفصلة عن الشأن العام.
وهكذا تصبح الصورة العامة تقول ان منطق الامور لا يسير وفق منطق عادل وان القانون والعدالة ما هي الا فكرة نظرية وان الواقع امر اخر، الى الدرجة التي يصبح فيها الاعتقاد ان الامتيازات وان كانت غير جائزة وعادلة هي رديف للحقوق وللعدالة.