لكل دولة معادلة داخلية تحكم اداءها ومواقفها ، وهي معادلة تعطي هوامش من الحركة والمناورة لكل المؤسسات والافراد العاملين في مجال هذه المعادلة ، لكن مجمل المسار وبخاصة القضايا الاساسية تخضع للمعادلة العامة للدولة ، وهي معادلة مرتبطة بالمواقف السياسية الاساسية ، ومنظومة العلاقات الدولية ، والحدود القصوى والدنيا للعلاقات مع كل دولة او مجموعة اقليمية... ، فضلا عن الوضع الاقتصادي ومنظومة الدولة الداعمة والشراكات الاقتصادية والتحالفات العسكرية...
الاردن دولة لها معادلة تضبط ايقاع مؤسساتها الدستورية ومسارها العام منذ عقود ، ومع استقرار الدولة ونظامها السياسي على مدى ( 93 ) عاما استقرت هذه المعادلة ولم يعد صعبا على أي معني ان يفهم مسار علاقته بالدول والاقاليم والقضايا والملفات الكبيرة.
هذه المعادلة يفترض بكل العاملين في العمل من مؤسسات وقوى ادراكها ، وهذا يساعد هذه المؤسسات على التحرك واتخاذ مواقف حتى في القضايا الطارئة والازمات التي تنتجها المراحل ، ويسهل توقع تعامل الدولة وردود افعالها مع الملفات المختلفة الدائم منها والطارئ.
ربما مع تغير بعض المراحل يطرأ تغير على رؤية الدولة نحو ملف او قضية ، لكن مرور السنوات يحول الجديد الى مسار منتظم ، لكن حجم التغيير محدود بينما الثبات كبير ، مثلا في ادارة الاردن لعلاقاته العربية ، العلاقة مع الغرب من اوربا والولايات المتحدة ، عملية السلام والحل السياسي للقضية الفلسطينية ، سياسة الاحتواء والحكمة ورفض التعامل الدموي في ادارة العلاقات الداخلية مع القوى السياسية واشكال المعارضة ومستوياتها.
أي حزب او قوة سياسية او افراد يعملون بالعمل السياسي ، كذلك المؤسسات الدستورية من مجلس نواب افرادا او كتلا او رئاسة ومكتب ، وايضا مجلس الاعيان والحكومة وكل المؤسسات لا بدلها ان تمتلك تصورا واضحا لمعادلة الدولة ، وان تعلم جيدا محددات ادارة الملفات الكبرى ، فهذا أمر يجنب الجميع التجارب السلبية ، او المحاولات غير الناجحة والاثمان السياسية والشعبية في التعامل مع الملفات ، كما يجنب الحكومات وكل السلطات الدستورية أي اخطاء ويجعلها من الفئة السعيدة التي تتعظ من تجارب غيرها.
نتحدث عن معادلة الدولة في القضايا المفصلية لان ادراكها والتعامل معها جزء من « الاحتراف « في العمل لكل الجهات التي تعمل في العمل السياسي رسمية كانت او شعبية ، وحتى لو كان هناك من لا يتفق مع جزء من هذه المعادلة فان ادراكها يجعل ادارة العمل أكثر نضجا وتوفر الجهد والوقت وتجنب اصحابها التجارب غير الناجحة والاثمان التي تكون احيانا باهظة.
(الرأي)