ليس غريباً عنكم هذا النبل وهذا الرفق وهذه السيادة يا صاحب الجلالة.
نعم سماء عمان توشحت بالاحمر, وانتم من ضمد الجرح بالمسك وبالعنبر, يا فوح الياسمين على ابواب اليتامى, ويا عطراً حط على حدائق المتعبين, ويا بلسماً لجراح الثكالى, ويا نبراس الرجولة في ميادين العسكر.
هذا عهد الابناء بأبيهم والاخوة بأخيهم, وما زيارتك لبيت عزاء الشهيد رائد زعيتر – تقبله الله برحمته – الا تاج رفق القائد بشعبه, ومواساته لنفسه ولهم.. فالمصاب جلل والمصاب واحد والكل منا يعزي بعضنا بعضاً..
هذا دأب آل هاشم في الحب والتواصل.. التواصل في المسرات وفي الهموم..
يا ايها الملك المخلص والناجي بنا من كل شرر, ويا من تزن الكلمة.. ونحن نرى من حولنا انهاراً وبحاراً دموية, يا قلعة موصدة على الدسائس, يا رفيقاً بنا وغيرك متوار خلف الغرور والكبرياء الزائف.
هنا الملك الانسان يزور بيوت العزاء والايتام والارامل والشيوخ ويطيب الجراح.. وهناك الكل يرش الملح على الشرايين المفتوحة..
تطل علينا كما العيد ايام الطفولة, بحلته وطلعته البهية كالبدر يمحي من كبد السماء ذاك الهلال النحيل, وغيرك احال العطش الى شوك وأنت الندى الرطيب في ظهيرة آب القائظ المستعر, لانك المزن المترعة بالغيث الرحيم, يلتقي بنا على ارض اردننا الخصيب.
لا يثنيك يأس متشائم.. لك المجد بعطره الاخاذ, يا من تمد على وجوهنا الامل, وتزرع الاماكن بالوعد, وتبعث فينا الطموح السجين فيحلق عالياً عبر المدى, وتوقظ فينا الحلم العذب, يا ايها الانسان النقي, يا من تغسل عن وجوهنا سرابات الاشاعة والارتجاف والخوف من الهزيمة, يا من انتزعت الاردن من خطوط النار وجبهات الموت, وعبرت بنا الى مروجك الخضراء, يا من تجعل انسانيتنا اكثر انسانية, يا لين الجانب ونظيف السريرة.
هناك خلف الحدود, الجبين مقطبة, والشفاه مزمومة, والحواجب منعقدة, والبؤس يأكل من ثدي الحرة, والكل يجري حيث لا يدري.. كل شيء مالح المذاق, والرماد فوق الرؤوس ورائحة الموت تنمو على اطراف البيوت.
يا سيدي زرعناك في الاوردة, فطار حمام السلام من نهايات الاصابع.. يصفق لعبور المرحلة.
لا اراكم الله مكروهاً في عزيز من شعبكم يا جلالة الملك الانسان..