ماذا يمكن أن تفعل الحكومة حيال حادث استشهاد زعيتر؟
د.رحيل الغرايبة
19-03-2014 01:44 AM
المطالبات التي تطفو على السطح بمناسبة استشهاد القاضي رائد زعيتر على يد أحد الجنود الصهاينة المحتلين، اثناء عبوره نحو نابلس، تتلخص بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، والغاء معاهدة وادي عربة، واطلاق سراح الجندي أحمد الدقامسة، وبعضها نادت بطرد السفير (الإسرائيلي) واستدعاء السفير الأردني في تل أبيب.
بعض السياسيين يؤكد أنه لن تلغَ المعاهدة، ولن تقطع العلاقات، وأن هذه المطالب تمثل سقفاً مرتفعاً لا تستطيعه الحكومة الأردنية في ظل الظروف السياسية القائمة، وفي ظل اختلال موازين القوى على النحو المعروف، خاصة إذا تم تقويم الأوضاع العربية على صعيد الأقطار العربية الكبرى وذات الأثر الواضح في القرار العربي مثل مصر وسوريا والعراق، ولذلك ليس من المحتمل أن تقدم الحكومة الأردنية على هذا المستوى من ردة الفعل على اغتيال المواطن الأردني الملتحق بسلك القضاء.
في هذا السياق يمكن الخوض مع الحكومة في دردشة سياسية في حدود ما تراه ممكناً، وفي حدود استطاعتها وضمن منطقها الدبلوماسي، دون أن يشكل ذلك خرقاً للسقوف وجراً لها إلى مواجهة فوق طاقتها، ولا يتعدى حدود المنطق، ولا يعني بأية حال إعلاناً للحرب، حيث أن الحكومة تدرك تماماً أن ما قام به الجندي الصهيوني يمثل عدواناً صارخاً، وخرقاً للأعراف السياسية والدبلوماسية، فضلاً عن القول أن هذا العدوان يمثل عدواناً على الكرامة الوطنية، وتصرفاً يحمل كل معاني الغطرسة والصلف والاستهتار، وهذا التصرف يمثل نقطة ضعف للكيان الصهيوني يجب أن تعمل الحكومة على تحقيق بعض المكتسبات لصالح الأردن والمواطنين الأردنيين من خلال استعمال الأوراق الرابحة التي تملكها الأردن في هذا الطرف على وجه التحديد، ويمكن الخوض في الملفات التالية:
أ- الملف الأول يتمثل بإرساء مبدأ التعامل بالمثل، الذي يتعلق بالتعامل مع الداخلين والخارجين عبر الحدود بين الطرفين، من حيث طريقة التفتيش ومن حيث مستوى الاحترام والتقدير، ومن حيث الإجراءات المتعلقة بخلع الملابس، والانبطاح على الأرض والطوابير والانتظار واستعمال الحافلات، واشهار السلاح بشكل دائم على الشخص منذ لحظة مَقدمه حتى خروجه.
لأن المعلومات تقول غير ذلك والعهدة على الراوي.
وعلى الحكومة أن توضح ذلك أمام المواطنين فيما يتعلق بهذا الشأن حيث إن اليهود يدخلون ويخرجون بدون تأشيرات ولا إجراءات، ولا تفتيش ولا انبطاح على الارض وبدون أي تصرف يخدش الكرامة أو يقلل من الاحترام والتقدير.
ب- ملف البضائع «الإسرائيلية» التي تدخل السوق الأردني، إذ تقول المعلومات أن هناك قرارات حكومية سابقة بإعفاء ما يصل إلى (2500) صنف من المنتوجات الإسرائيلية إلى السوق الأردنية من الجمارك والضرائب وكافة الرسوم، وبعض هذه البضائع تأتي من المستعمرات الصهيونية التي يمنع الاتحاد الأوروبي استيرادها إلى السوق الأوروبي، ولذلك يمكن للحكومة أن تفعل شيئاً حيال هذا الموضوع.
ج- ملف الأسرى الأردنيين، الذي يجد تعنتاً اسرائيلياً في التعامل معه، ولذلك يمكن أن تعقد الحكومة صفقة على اطلاق سراح كل الأسرى الأردنيين في هذه المناسبة، الذين يمثلون صداعاً مزمناً للخارجية الأردنية، حيث لم تستطع تحقيق تقدم ملحوظ على هذا الصعيد.
د- ملف الأقصى والقدس حيث تتعرض المقدسات الأردنية إلى محاولات من التدنيس المستمر من اليهود، ومحاولات العبث في الجدران والأبنية والساحات، والحفريات التي نالت من أساسات المسجد، والتضييق على المواطنين العرب تحت مسار التهويد، ولذلك يمكن للحكومة أن تقوم بخطوة تجاه المقدسات لما تمثله من رمزية دينية للعرب والمسلمين عامة، والهاشميين على وجه الخصوص.
هـ- يمكن للأردن أن يستثمر موقفه في مجلس الامن في هاتين السنتين، وأن يعمل على تشكيل ملفات ضغط على الكيان الصهيوني.
المهم أن تقدم الحكومة للشعب الأردني خطة عملية مقنعة للشعب الأردني، عبر العمل على انجاز خطوات ملموسة، وأن لا تمرر الموضوع بطريقة عاجزة ويائسة ومحبطة.
(الدستور)