"الدب الروسي" يمهد الطريق "للتنين الصيني"!
جهاد المحيسن
19-03-2014 01:24 AM
ما حدث قبل الاستفتاء في شبه جزيرة القرم وبعده، يؤكد أن الدب الروسي كان طرفا في سيناريو الانقلاب على الرئيس الأوكراني المؤيد لروسيا فيكتور يانوكوفيتش. فروسيا لم تعد بحاجة لحكم موال لها، طالما أن الهدف الرئيس الذي خططت له هو السيطرة على القرم.
فالكلف الكبيرة، الاقتصادية والعسكرية، التي كانت تتحملها موسكو للبقاء مسيطرة على كييف، لم تعد مجدية، فكان لا بد من سيناريو ينهي هذا العبء، وقد قدم لها على طبق من ذهب، عندما انقلب الأوكرانيون والغرب على الرئيس الموالي لروسيا، فكانت ردة الفعل التي صاحبت هذا الفعل تتناسب والطموح الروسي الذي قرر أن يضم القرم إلى كنف الإمبراطورية الروسية التي يقودها القيصر بوتين.
نتيجة الاستفتاء، وفق المراقبين، لم تكن مفاجئة. فبحسب وكالة إنترفاكس الروسية، فإن نسبة الإقبال على التصويت في الاستفتاء تجاوزت 80 %. وأجرى استطلاع رأي الناخبين الذي اعتمدت عليه وكالة الإعلام الروسية معهد القرم للأبحاث السياسية والاجتماعية.
والاقتراع في الاستفتاء حول انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا حسمته نتيجة الاستفتاء، ورفرف العلم الروسي في سماء سافروبول، الميناء التاريخي الذي يؤوي الأسطول الروسي في البحر الأسود. هذا الانتصار الذي حققه القيصر الجديد لروسيا، يفتح الباب لعديد من القياصرة الجدد الذين ظهروا بعد الحقبة الأميركية وأفول نجمها التسلطي في العالم، لفتوحات جديدة أجلتها حقبتا الحرب الباردة والهيمنة الأميركية لاحقاً.
فالصين هي الأخرى ستستغل هذا الانتصار الروسي، لفتح ملفات تاريخية معقدة مع اليابان التي سارعت في خطوة استباقية، وكرد فعل منها على ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، إلى إعلان أنها ستجمد المحادثات مع روسيا بشأن اتفاقية للاستثمار، وتخفيف شروط تأشيرات السفر في إطار عقوبات على موسكو بعد أن اعترفت الأخيرة بمنطقة القرم الأوكرانية دولة ذات سيادة.
فطوكيو تستشعر الخطر الصيني منذ زمن طويل، وعقدة التاريخ تلاحقها. وحدة التوتر بين الصين واليابان بشأن جزر "سينكاكو" أو "دياويو" تتفاقم شيئاً فشيئاً، خصوصا أن اليابان لن تقدم تنازلات بشأن الجزر المتنازع عليها مع بكين، بحسب تصريحات طوكيو. فقبل عدة أشهر، أجرت اليابان مناورات عسكرية منفردة بعيداً عن حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة، التي اعتادت على المناورات العسكرية معها. ولم يخف العسكريون في بكين امتعاضهم من هذه المناورات؛ بل إن الخبراء الصينيين علقوا على هذه المناورات بأنها توحي باحتمالات نشوب نزاع مسلح مع اليابان!
الدب الروسي وحليفه الاستراتيجي التنين الصيني، يعرفان مدى الضعف الذي حل بالمنظومة الغربية والولايات المتحدة. لذلك، بدأت روسيا بالتحرك في مجالها الحيوي الاستراتيجي دفاعاً عن مصالحها. والعقوبات التي سيفرضها الغرب على موسكو لن تغير في المشهد كثيرا، فأوروبا الغربية تعتمد بشكل مباشر على الغاز الروسي الذي يشكل عصب الحياة بالنسبة لأوروبا، والخاسر الوحيد في العقوبات ستكون الدول الغربية.
لذلك، ثمة مشهد جديد شكله الدب الروسي في العالم، وسنشهد آثاره في ديارنا!
(الغد)