" الحيطان " في الأردن هي اكثر كلمة يتم تداولها بين الناس ، في الغناء مثلا هنالك اغنية مشهورة تقول " حنا الأردنية حيطنا مش واطي " لتعطي مغزى سياسي باننا أقوياء لا نمس أو نقبل بالمساس في كلمة او حتى بحرف ، وفي نفس السياق تستخدم هذه الكلمة عند " الفزعة " و " الهوشات " في مدارسنا ، فبمجرد أن تبدا المشاجرة بين أي طالب من الصف " خامس " وطالب من الصف الرابع في المدرسة ، تبدأ المعركة بإستهلال مزمجر للطرف الآخر من " الهوشة " بمقولة " يابا أحنا .......حيطنا مش واطي " لتبدا " المباكسة " و" الشلاليت " ، وإذا تعمقت اكثر في أين تستخدم هذه الكلمات ستجدها الاكثر إستخداما في الحارات والأسواق والإنتخابات والمبارايات الرياضية وغيرها من المناسبات وبنفس المبدأ وهو التعبير عن القوة والمنعة أمام الآخر فهي على ما يبدو من أضرار وإصابات في المصائب التي يكتوي بنارها المجتمع في كل يوم يمر في حياتنا ذات أثر ساحر وملموس وفعال في التنشاة والتربية عند البعض .

وغير بعيد عن الخوض في مسألة " الحيطان " ومدلولها في الأردن ، يظهر جليا ومن خلال الأخبار المتداولة ان أكثر الناس " حيطهم واطي " وعلى عكس الكثير من فئات المجتمع هم الأطباء والمعلمين ، فما من يوم يمر إلا وتسمع عن طبيب تم ضربه وإهانته بوسائل مختلفة أما " بمكبس " او " بطفاية حريق " او بما توفر وتيسر في المستشفى من لوازم ومعدات ، أما المعلم ذو " الحيط الواطي " أيضا فوسائل الضرب والإهانة التي قد يتعرض لها اكثر إيلاما وإهانة فبالإضافة إلى وسائل " التشطيب " والعلامات الفارقة في الوجه التي يتفنن بها بعض اولياء الامور لبعض الطلاب في مدارسنا يقوم البعض بذلك على مرأى من الطلاب لتكون إهانة المعلم نكسة وسقطة أخلاقية ونفسية للمعلم وآداءه وسمعة التعليم في الأردن بشكل عام .

إنه لأمر محزن ومؤلم ان تجد الصفوة من المجتمع في الأردن من أطباء ومعلمين يعاملون بمثل هذا السوء والإنحطاط ، الامر الذي يبعث على السؤال الملح إلى متى يستمر هذا التداعي والإنحدار في التعامل مع هذه الفئة الراقية من المجتمع ؟!

برأيي ان المسألة الجوهرية التي تحكم في الحد من هذه السلوكيات الرعناء يتلخص في القول المأثور " من أمن العقوبة أساء الأدب " الامر الذي يعني بانه من الواجب على الحكومة مراجعة التشريعات الناظمة للعقوبات في المجتمع وتغليظها بشكل منفصل على كل من يحاول المس بالمعلم او الطبيب هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان يكون هنالك أيضا نظام مسائلة ومحاسبة رادع أيضا لمن لا يقوم بواجبه على أكمل وجه من الأطباء او المعلمين فهكذا نضمن ان لا أحد " حيطه واطي " في الأردن .